الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً }

{ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ } ورد فى سبب نزوله ما سبق فى سبب نزول قصّة اصحاب الكهف، وورد انّه سأله (ص) نفر من اليهود عن طائفٍ طاف المشرق والمغرب.

اعلم، انّ المسمّى بذى القرنين كان اثنين اكبر واصغر وكلاهما ملكا فى الارض وانّ ذا القرنين الاكبر هو الّذى كان عبداً صالحاً نبيّاً او غير نبىٍّ وهو الّذى طاف المشرق والمغرب وبنى سدّ يأجوج ومأجوج، وهو كان غلاماً من اهل الرّوم وكان ابن عجوزٍ فقيرةٍ وهبه الله تعالى الملك والسّلطنة، وورد انّه سمّى بذى القرنين لانّه بعث فى قومه فدعاهم الى الله فضربوه على قرنه الايمن فاماته الله او غاب عنهم على اختلاف الرّوايات خمسمائة عامٍ او مائة عامٍ او مدّة على اختلاف الرّوايات ايضاً، ثمّ بعثه الله فدعا الى الله فضربوه على قرنه الايسر فاماته او غاب عنهم فى المدّة المذكورة، ثمّ بعثه الله تعالى فملك المشرق والمغرب، وورد ايضاً انّه عوّضه الله فى مكان الضّربتين على رأسه قرنين اجوفين وجعل عزّ ملكه وآية نبوّته فى قرنيه، ثمّ رفعه الله الى السّماء الدّنيا فكشط له عن الارض كلّها جبالها وسهولها وفجاجها حتّى ابصر ما بين المشرق والمغرب وآتاه الله من كلّ شيءٍ سبباً فعرف به الحقّ والباطل وايّده فى قرنيه بكسفٍ من السّماء فيه ظلمات ورعد وبرق، ثمّ اهبطه الى الارض واوحى اليه سر فى ناحية غربىّ الارض وشرقيّها فقد طويت لك البلاد وذلّلت لك العباد فارهبتهم منك وذلك قول الله تعالى انّا مكنّا له فى الارض، وورد ايضاً انّه رأى فى المنام كأنّه دنا من الشّمس حتّى اخذ بقرنيها فى شرقها وغربها فلمّا قصّ رؤياه على قومه وعرفهم سمّوه ذا القرنين فدعاهم الى الله فأسلموا، وذكر فى التّواريخ انّه لمّا طاف المشرق والمغرب سمّى ذا القرنين. وقيل: انّه لمّا كان كريم الطّرفين اباً وامّاً سمّى ذا القرنين، وقيل: كان له ضفيرتان من طرفى رأسه ولذلك سمّى ذا القرنين، وقيل: كانت صفحتا رأسه من صفرٍ او من نحاسٍ او من حديدٍ او من ذهبٍ ولذلك سمّى ذا القرنين. وقد اختلف الاخبار فى نبوّته وعدمها واسمه كان عبد الله بن الضحّاك ولقبه كان عيّاشاً، واختلاف الاخبار فى باب قرنيه ونبوّته يشعر بالتّأويل خصوصاً ما ذكر فى الاخبار من قولهم (ع): وفيكم مثله مشيرين الى انفسهم؛ فانّه كلّما ذكر لشخصٍ فى العالم الكبير فهو جارٍ فيه فى نوعه، وكلّما كان فى العالم الكبير شخصاً او نوعاً فهو جارٍ فى العالم الصّغير، وقد اختلف الاخبار والتّواريخ فى زمان ظهوره فانّه ذكر انّه كان بعد زمان نوح (ع)، وذكر انّه كان معاصراً لابراهيم (ع)، وذكر انّه كان بعد عيسى (ع) { قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً } اى ما يتذكّر به وهو قوله تعالى { إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي ٱلأَرْضِ... }.