الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَٰتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَىٰ ٱلْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوۤاْ إِذاً أَبَداً }

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيِاتِ رَبِّهِ } من الانبياء والاولياء (ع) وكتبهم السّماوية ومواعظهم الوافية وسائر الآيات الآفاقيّة والانفسيّة، والمقصود ههنا الانبياء والاولياء (ع) فانّهم الآيات العظمى واسباب ظهور سائر الآيات من حيث انّها آيات { فَأَعْرَضَ عَنْهَا } لعدم الاقبال على الانبياء (ع) وعدم قبول مواعظهم والعناد معهم وعدم التّدبّر لسائر الآيات وعدم التّنبّه بها { وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } من المساوى فانّ التّوجّه الى الانبياء والاولياء (ع) سبب ظهور المساوى وهو سبب كلّ خير كما ورد: اذا اراد الله بعبدٍ خيراً بصّره عيوب نفسه واعماه عن عيوب غيره، واذا اراد الله بعبدٍ شرّاً بصّره عيوب غيره وأعماه عن عيوب نفسه، والاعراض عنهم سبب للغفلة عن سائر الآيات ونسيان المساوى عن نفسه وظهور مساوى غيره { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } استاراً، تعليلٌ للاعراض عن الآيات وتسلية له (ص) لانّه كان يتحسّر على اعراضهم وعدم قبولهم، او جوابٌ للسّؤال عن حالهم وعمّا ادّى اليه اعراضهم { أَن يَفْقَهُوهُ } كراهة ان يفقهوه او لان لا يفقهوه بحذف اللاّم ولا النّافية، وتذكير الضّمير وافراده باعتبار القرآن الّذى هو مصداق الآيات ومظهرها ومُظهرها، ويحتمل ان يكون قوله: انّا جعلنا، جواباً عن السّؤال عن علّة عدم التّدبّر فى القرآن الّذى به يهتدى الى سائر الآيات ويتنبّه لها كأنّه قيل: لم لا يتدبّرون القرآن حتّى يتذكّروا بسائر الآيات ويُقبلوا عليها؟ - فقال: انّا جعلنا على قلوبهم اكّنة ان يفقهوا القرآن، ويحتمل ان يكون كلاماً منقطعاً عن سابقه من قبيل المخاطبات التى تكون بين الاحباب بحيث لا يطّلع عليها رقيب ويكون جواباً عن تحيّره فى عدم قبولهم قوله (ص) فى علىّ (ع) وولايته كأنّه قال: مالك تتحيّر فى عدم قبولهم قولك فى ولاية علىٍّ (ع) انّا جعلنا، او مالك تتحسّر على اعراضهم عن علىٍّ (ع) انّا جعلنا، ولمّا كان طريق النّجاح منحصراً فى التّحقيق والتّفقّه الّذى هو شأن القلب والتّقليد من صادقٍ والتّسليم الّذى يحصل بالسّماع والانقياد للمسموع كما اشار اليهما بقوله:لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } [ق:37] قال تعالى كراهة ان يفقهوه تحقيقاً { وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً } يمنعهم عن السّماع والتّقليد كراهة ان يسمعوه ويقبلوه تقليداً { وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } كالنّتيجة للسّابق يعنىاذا كان على قلوبهم اكنّة وفى آذانهم وقر، فان تدعهم الى الهدى { فَلَنْ يَهْتَدُوۤاْ إِذاً أَبَداً } لانحصار طريق الهداية فى التّحقيق والتّقليد وهم ممنوعون من كليهما.