الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }

{ وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ } ذكر النّفس بعد الصّبر مبنىّ على تجريد الصّبر عن النّفس فانّ الصّبر هو حبس النّفس عن الجزع او عن هواها والمعنى احبس نفسك عن اتّباع هواها { مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ } يعنى فى جملة اوقاتهم وهم الّذين يذكرون الله مخرجاً لهم عن ظلمات الطّبع والنّفس الى نور القلب والرّوح لمشاهدة وجه ربّهم المضاف وهو ربّهم فى الولاية وهم الّذين اخذوا الذّكر من صاحب الاذن واهل الذّكر { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } الملكوتى وهو السّكينة الّتى ينزلها الله على المؤمنين وهو الذّكر الّذى به يطمئنّ قلوب المؤمنين { وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } وهذا على: ايّاك اعنى واسمعى يا جارة { وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا } والّذكر هو الرّسول (ص) او امير المؤمنين (ع)، او المراد من الذّكر تذكّر الله وتذكّر اوامره ونواهيه وثوابه وعقابه، او المراد الذّكر المأخوذ من صاحب الذّكر { وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } افراطاً وتجاوزاً للحدّ فى الخروج عن تحت حكم العقل، " روى انّ جمعاً من فقراء المسلمين منهم سلمان رضى الله عنهم كانوا عند النّبىّ (ص) فدخل عليه جمع من اغنياء المؤلّفة قلوبهم فقالوا: يا رسول الله (ص) ان جلست فى صدر المجلس وتحّيت عنّا هؤلاء وروائح جبابهم جلسنا نحن اليك واخذنا عنك، فقاموا من عنده (ص)، فلمّا نزلت الآية قام النّبىّ (ص) يلتمسهم فأصابهم فى مؤخّر المسجد يذكرون الله عزّ وجلّ فقال: الحمد لله الّذى لم يمتنى حتّى امرنى ان اصبر نفسى مع رجالٍ من امّتى معهم المحيا ومعهم الممات ".