الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }

{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ } اى الرّوح الّتى بها الحياة الانسانيّة فانّ الرّوح تطلق على البخار المتكوّن فى القلب المنتشر فى البدن بواسطة الشّرائين وتسمّى روحاً حيوانيّةً، وعلى البخار المتصاعد من القلب الى الدّماغ فتعتدل ببرودته وتسمّى روحاً نفسانيّةً، وعلى الّتى بها حياة الحيوان وتسمّى نفساً حيوانيّةً، وعلى الّتى بها حياة الانسان وتسمّى نفساً ناطقة وهذه هى مراد السّائلين لانّها المدركة لهم بالآثار دون سابقتها فانّها مختفية تحت شعاع نفس الانسان، وتطلق على طبقة من الملائكة وتسمّى فى لسان الاشراق بارباب الانواع وفى لسان الشّرع بالصّفات صفّاً، وعلى ملك اعظم من جميع الملائكة وله بعدد كلّ انسان وجه وهو ربّ نوع الانسان وله الرّياسة والاحاطة على جميع الانواع واربابها وهو مع كلّ افراد الانسان وليسوا معه، وما ورد فى بيان الرّوح انّها ملك اعظم من جبرئيل وميكائيل وكان مع محمّدٍ (ص) ثمّ مع الائمّة (ع) اشارة الى هذا المعنى ومعنى كونه مع محمّدٍ (ص) دون سائر الانبياء انّ معيّته مع محمّدٍ (ص) كان بمعيّة محمّدٍ (ص) معه والاّ فهو مع كلّ افراد الانسان بل مع كلّ ذرّات العالم ونفخت فيه من روحى اشارة الى تلك، فانّ الرّوح المنفوخة فى آدم (ع) ظلّ تلك الرّوح، ولمّا كانت الرّوح المسؤل عنها امراً مجرّداً معقولاً لا يدركه الاّ ذوو العقول وكان السّائلون اهل الحسّ لا يتجاوز ادراكهم المحسوسات امره (ص) بالاجمال فى الجواب فقال { قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي } اى ناشئة من امر ربّى من غير سبق استعداد مادّة حتّى تكون محسوسة فتدركونها بالحواسّ الظّاهرة او الباطنة او من عالم امره ولا يصل ادراككم اليه ولذلك قال { وَمَآ أُوتِيتُم مِّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } منكم او قليلاً من العلم وهو العلم بالمحسوس من آثارها وليس لكم علم عالم الامر ولفظة ما نافية او استفهاميّة انكاريّة.