الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ }

{ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ } من الشّجر والجبال والجدران { ظِلاَلاً } ما تستظلّون به { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً } ما تستترون فيه من الغيران او ما تنحتون فيها { وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ } ثياباً فان السّربال يستعمل فى كلّ ملبوسٍ، والمراد بالاثاث والمتاع غير الثّياب، او المراد بالسّرابيل غير ما يكون من الصّوف والوبر والشّعر والجلود، او يكون تعميماً بعد تخصيص من وجه كما يكون تخصيصاً بعد تعميمٍ من وجهٍ آخر { تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ } اى والبرد اسقطه واكتفى بذكر الحرّ لعدم الاحتياج الى ذكره لوضوحه بقرينة المضادّة وانّ الحاجة الى اللّباس فى البرد اشدّ منه فى الحرّ وللاهتمام بالحفظ من الحرّ فى بلاد العرب { وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ } كالدّروع ولمّا كان تعداد النّعم الصّوريّة الجسمانيّة مقدّمة لتفهيم النّعم الاخرويّة الرّوحيّة وهى ارسال الرّسل لتبليغ الولاية واعداد الخلق لقبولها والسّير على طريقها وانّ المنعم لم يدع عالم الاجسام غير مهيّاة له اسباب قوامه وبقائه فكيف يدع عالم الارواح والجهة الرّوحانيّة فى الانسان غير مهيّاة له اسباب كما له وبقائه، وانّ عمدة اسباب كماله وبقائه ارسال الرّسل للانذار من الرّكون الى الاجسام والدّلالة على طريق الولاية وفتح باب القلب وايلاء الولاة لتعليم طريق الولاية وتلقين ما يفتح به باب القلب بعد انقضاء ايّام الرّسالة، عقّب المذكورات من النّعم المعدودة بقوله { كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ } يعنى مثل اتمام النّعم الجمسانيّة الصّوريّة المختلطة بالآلام والاسقام والمتاعب والمشاقّ يتمّ نعمته الحقيقيّة الّتى هى حاصلة ارسال الرّسل وغايته وهى الولاية ولا يهملكم فى تلك الجهة من غير تهيّة اسباب كما لكم وبقائكم فيها { لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } تنقادون.