الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ فَٱسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

{ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ } لطيفها وخالصها { فَٱسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ } الّتى الهمك سلوكها الى البيوت، او فاسلكى السّبل الّتى الهمك لعمل العسل، او فاسلكى سبل ربّك من البيوت الّتى هى مسالك لادخال العسل { ذُلُلاً } حال كون السّبل ذلك يسهل السّلوك فيها بتسهيل الله او حالكونك منقادة لامر ربّك { يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ } وهو العسل باختلاف الوانه بالابيضاض والاصفرار والاحمرار والاسوداد { فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ } منفرداً او منضّماً الى غيره لمبرودى المزاج ومحروريه والعجب انّه يخرج من محلّ السمّ ما فيه شفاء، وفى الخبر: نحن والله النّحل الّذى اوحى اليه ان اتّخذى من الجبال بيوتاً امرنا ان نتّخذ من العرب شيعةً، ومن الشّجر يقول من العجم وممّا يعرشون يقول من الموالى، والّذى يخرج من بطونها شراب مختلف الوانه اى العلم الّذى يخرج منّا اليكم، وفى رواية اخرى: والشّيعة هم النّاس، وغيرهم الله اعلم بهم، ولو كان كما تزعم انّه العسل الّذى يأكله النّاس اذن ما أكل منه ولا شرب ذو عاهة الاّ شفى لقول الله تعالى: فيه شفاء للنّاس ولا خلف لقول الله وانّما الشّفاء فى علم القرآنوَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ } [الإسراء:82] لاهله لا شكّ ولامرية واهله ائمّة الهدى الّذين قال اللهثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا } [فاطر:32] ولمّا كان النّحل وتدبيرها وشراب بطنها مظاهر للائمّة (ع) وتربيتهم للشّيعة وعلمهم كان التّفسير بالنّحل والبيوت المسدّسة وعسلها فى محلّه، ولمّا كان الوقوف على ظاهر الآية وحصر المقصود فى النّحل الصّوريّة واستقلال النّحل بالقصد منافياً لمقصود الآية من كون القصد الى النّحل من حيث كونها مظهراً لا اصالة وكون المقصود استقلالاً هو رؤساء الدّين كان انكار التّفسير بالنّحل الصّوريّة فى محلّه { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } فانّه لا يكفى فيه السّماع والايمان ولا العقل والتّذكّر لكثرة دقائقه وخفاء طريق الانتقال الى قدرة بارئها والى ما يمثّل بها له.