الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ }

{ إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ } استثناء متّصل او منقطع.

بيان ردع الشّياطين بتولّد عيسى (ع) ومحمّد (ص) عن السّماوات

{ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ } محقه وادركه، والشّهاب شعلة نار ساطعة ويطلق عليه اسم الكواكب فيقال كوكب انقضّ السّاعة وتتولّد الشّهب فى كرة الدّخان كما حقّق فى محلّه، وليست هى كواكب كما هو المشهور فى العرف وليست الشّياطين تتأذّى بها لكون الشّهب من المادّيّات والشّياطين من الرّوحانيّات، بل المراد بالشّهب القوى الرّوحانيّة المتضادّة للشّياطين الرّادعة لهم عن ساحة حضور الارواح الطّيّبه المتصوّرة للبصائر المنفتحة بصور الشّهب سواء كان استراق السّمع من سماوات الطّبع او من سماوات الارواح، وبما ذكرنا من وجه ردع الشّياطين من سماوات الطّبع وسماوات الارواح يمكن التّفطّن بما ورد فى الاخبار، من انّ الشّياطين كانوا يصعدون الى السّماوات، فلمّا ولد عيسى (ع) حجبوا عن ثلاثة منها وكانوا يخرقون اربع سماوات، فلمّا ولد رسول الله (ص) حجبوا عن السّبع، او كان الشّياطين يصعدون السّماء فلمّا ولد محمّد (ص) ردعوا بالشّهب وكان ليلة تولّده كثيرة الشّهب، وامثال ذلك كثيرة، مع انّ الشّياطين كانوا مطرودين من سماوات الارواح وكذا من سماوات الطّبع كما سبق والوجه فى ذلك انّ السّماوات فى العالم الصّغير قبل تولّد الكلمة العيسويّة كانت مجتمعة بالقوّة فى السّماء الدّنيا وهى سماء النّفس الانسانيّة وهى محلّ تصرّف الشّياطين، فاذا تولّد الكلمة العيسويّة صار بعض ما بالقوّة بالفعل كسماء الصّدر المنشرح بالاسلام وسماء القلب وسماء النّفس الانسانيّة ويبقى الباقى بالقوّة ويطرد الشّياطين بواسطة تلك الكملة عن هذه السّماوات، وبعد تولّد الكلمة المحمّديّة (ص) الجامعة لجميع المراتب بالفعل يصير جميع ما بالقوّة بالفعل فيتميّز السّماوات السّبع ويطرو الشّياطين من الكلّ، الاّ انّه مترصّد من جهة النّفس الحيوانيّة لان يسترق حين الفرصة من سماء النّفس الانسانيّة الدّنيا استماع بعض الاشياء فيتّبعه شهاب تذكّر الانسان بنور الايمان واليه اشير بقوله:إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } [الأعراف:201].