الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }

{ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } بلسان الاستعداد وان كان قد لا يعطى ما سألتموه بلسان القال، وقرأ الصّادقان (ع): من كلٍّ بالتّنوين ولعلّه كان اوفق بالمقصود اذ السّؤال بلسان الحال لا يتخلّف المسؤل عنه والله تعالى يعطى كلاًّ من كلّ شيءٍ بقدر ذلك السّؤال، ولسان لقال ان لم يكن موافقاً للسان الحال يتخلّف المسؤل عن السّؤال كما يشاهد من اكثر السّائلين المتضرّعين الّذين يتخلّف عنهم مسؤلهم.

اعلم، انّ الله تعالى ناظر الى سؤال الاستعداد ومعطٍ بقدر فالمادّة الانسانيّة تسأل نضجاً بالقوى النّباتيّة من الغاذية بجنودها والنّامية بجنودها والمولّدة باعوانها، ومستقرّاً من الكليتين والبيضتين وبعد تمام نضجها تستدعى وعاءً تستقرّ فيه وتنموا وتتبدّل من صورةٍ ومن حالٍ الى حالٍ وتستدعى مربّياً يربّيها من اللنّفوس البالغة ومتصرّفاً فى ذاتها من القوى النّباتيّة بمراتبها الى ان يبلغ اوان تولّدها وبعد التّولّد تستدعى الف الف ملك والف الف قوّة بها يتمّ فعلها ونموّها وبلوغها وخروجها من الدّنيا الى الآخرة فأعطاها الله كلّها، هذا بحسب ما ندركه بمدركاتنا القاصرة وامّا ما لا ندركه فغير متناهية الى حدّ { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ } الّتى اعطاكموها بمسئلتكم { لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } جواب سؤالٍ عن حال الانسان بازاء تلك النّعم يعنى انّه ظلوم لانّه لا يستعمل النّعم فيما اعطبت له ويمنع المستحقّ عن الحقّ ويعطى لغير المستحقّ، وكفّار لأنّه يستر انعام الحقّ فى النّعمة ولا ينظر الى الانعام ولا الى المنعم بل الى ذات النّعمة من غير اعتبار كونها نعمةً من غيره بل يضيفها الى نفسه ويقول: انّما اوتيته على علمٍ واستحقاق من نفسى.