الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ }

{ ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ } صفة للكافرين وبيان له.

اعلم، انّ الانسان واقع بين الدّنيا والآخرة وبعبارة اخرى بين مراتب النّفس ومدارج القلب وهو فطرىّ التعلّق ذاتّى الرّبط فان كفر بالآخرة تعلّق بالدّنيا، وان كفر بالدّنيا تعلّق بالآخرة، وكلّ ما تعلّق به اختاره على ما لم يتعلّق به فالكافر بالآخرة لا محالة متعلّق بالدّنيا ومختار لها على الآخرة والمتمكّن فى الكفر يستمرّ استحبابه للدّنيا كما انّ المتمّكن فى الايمان يستمرّ استحبابه للآخرة، والمتلوّن فيهما قد يستحبّ الدّنيا وقد يستحبّ الآخرة ولمّا كان صيغة الكافرين بحسب الاستعمال يتبادر منها المتمكّنون فى الكفر اتى بالاستحباب بصيغة المضارع الدّالّ على الاستمرار وعقّبه بقوله { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً } مضارعاً دالاًّ على الاستمرار والاّ فالمتلوّنون فى الكفر كثيراً ما لا يصدّون عن سبيل الله ولا يبغونها عوجاً بل يبغونها قيّماً { أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } نسبة البعد الى الضّلال مجاز.