الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ }

{ لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ } اى فى قصّتهم { آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ } اى السّائلين عن قصّتهم كما قيل: انّ رؤساء المشركين سألوا محمّداً (ص) بتلقين اليهود عن قصّتهم، او الصّحابة سألوا عنه سورة مشتملة على الحكايات خاليةً عن الامر والنّهى، او اليهود جاؤا ليسالوا قصّة يوسف (ع) عنه فرأوه يقرؤها كما وجدوها فى كتبهم. اقول: نزول الآية ان كانت فيمن ذكر فالحقّ انّ السّؤال اعمّ من السّؤال بلسان القال والحال والاستعداد، وان كلّ طالب للآخرة ولما يعتبر به فى جهة الآخرة سائل عنها، وفى تعليق الحكم على الوصف اشعار بانّ غير السّائل محروم عن ادراك آيات تلك القصّة وعبرها، فانّ غير السّائل لا يسمع من تلك القصّة غير ما يسمع من الاسمار والتذاذه بها مثل التذاذه بالاسمار سواء لم يكن سائلاً بلسان القال او كان سائلا بلسان القال دون لسان الحال كما قال: { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } ، وفى تلك القصّة آيات عديدة للطّالب المستيقظ دالّة على علمه وحكمته وقدرته وربوبيّته وتصريفه للاشياء على ما يشاء، وعدم انجاء الحذر من القدر، وعدم الانتفاء بالتّدبير فيما يريد غيره، وعدم الاضرار بمكر الماكرين، وسببيّة حسد الحاسدين لدرجات شرف المحسودين وانتشار فضلهم، وعلى فضل العفة وحسن عاقبتها، وانّ الانسان ينبغى ان يكون عفيفاً ولو مع خوف التّلف ووخامة البغى وابتلاء الباغى بالالتجاء بنفسه او بعقبته الى المظلوم وترك الكذب ولو توريةً، وابتلاء الكاذب بمثل كذبه ممّن كذّب له او من غيره ومكافاة العمل فى الدّنيا وان كان من الانبياء (ع) على سبيل ترك الاولى وغير ذلك من الآيات المندرجة فى تلك القصّة.