الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ }

{ الۤر } قد سبق انّها اشارة الى مراتب العالم او مراتب وجوده (ص) ولذلك ورد: انّ الحروف المقطّعة فى اوائل السّورة اسماؤه، ومضى انّه فى حال انسلاخه يشاهد من تلك الحروف ما لا يمكن التّعبير عنه الاّ بالمناسبات وانّ مراتب العالم او مراتب وجوده (ص) كتاب حقيقىّ تكوينىّ وانّ الكتاب التّدوينىّ صورة تلك الكتاب { كِتَابٌ } خبر للحروف المقطّعة او خبر مبتدأ محذوف { أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } فى مقامه العالى من مراتب العقول المعبّر عنها بالاقلام وفى مراتب النّفوس الكلّيّة المعبّر عنها بالالواح العالية، واللّوح المحفوظ واحكام الآيات فى تلك المراتب عبارة عن عدم الخلل والبطلان والتّغيير والنّسخ فيها فانّه فى تلك المراتب لا يمسّه الاّ المطهّرون ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو فى تلك المراتب محفوظ عن التّشابه بالباطل وبكلام غير الحقّ تعالى وهو فيها بنحو الاجمال من غير تفصيلٍ { ثُمَّ فُصِّلَتْ } بعد تلك المراتب فى مراتب النّفوس الجزئيّة المعبّر عنها بالالواح الجزئيّة وكتاب المحو والاثبات ثمّ فى مراتب الاعيان المعبّر عنها بكتاب المحو والاثبات العينىّ ثمّ فى مرتبة الاصوات والحروف ثمّ فى مرتبة الكتابة والنّقوش، وليست آيات الكتاب فى تلك المراتب محكمات لتطرّق المحو والاثبات والنّسخ والتّبديل اليها ويتشابه حقّها بباطلها لتشابه المظاهر الشّيطانيّة بالمظاهر الآلهيّته وتشابه الاعمال والاقوال والاحوال والاخلاق، فانّ المظاهر الشّياطانيّة يعملون أعمالهم الشّيطانيّة بصور الاعمال الآلهيّة ثمّ يقولون هى بأمر الله والحال انّها بأمر الشّيطان ويحسبون أنّهم يحسنون صنعاً، ويقرؤن الآيات القرآنيّة بألسنتهم وهى ألسنة الشّيطان ويكتبون الآيات التّدوينيّة بأيديهم وهى أيدى الشّيطان ثمّ يقولون: هو من عند الله وما هو من عند الله، بل من عند الشّيطان غاية ما فيه انّها مشابهة لما هو من عند الله صورة { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } كامل فى العمل والعلم وذكر الوصفين للاشارة الى انّ كتابه التّكوينىّ والتّدوينىّ على كمال ما ينبغى فليس لاحدٍ ان يردّ شيئاً منهما او يلوم احداً كما ورد: لو اطّلعتم على سرّ القدر لا يلومنّ احدكم احداً، ولدن الله وعند الله عبارة عن عالم المجرّدات وتفصيل الكتاب نشأ منها ولذا ورد، انّ القرآن نزل جملة على البيت المعمور او على قلب محمّد (ص) ثمّ نزل منه نجوماً على صدره.