الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

{ وَيَعْبُدُونَ } عطف بملاحظة المعنى المقصود بالتّعريض يعنى هم يفترون ويكذّبون ويجرمون ويعبدون { مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ } من الاصنام والكواكب عبادة العبيد ومن الاهوية والآراء والشّياطين عبادة اتّباعيّة، ومن غير من نصبه الله من رؤساءهم الدّنيويّة او رؤساءهم الدّينيّة بزعمهم عبادة طاعةٍ، والمقصود من نفى الضّرّ والنّفع نفى ما يتوهّمونه ضرّاً ونفعاً ممّا يؤل الى دنياهم من غير نظرٍ الى عبادتهم والاّ فهى بعبادتهم ايّاها تضرّهم غاية الضّرّ ويقولون { هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ } كما يقول الوثنىّ: انّ اصنامنا شفعاؤنا عند الله، وكما يقول اكثر الصّابئين: انّ الكواكب شفعاؤنا، وبعض يقول: هى قديمة مستقلّة فى الآلهة، كما يقول الزّرداشتيّون: النّار تشفعنا عند الله، وكما يقول المطيعون لمن يزعمونهم رؤساء الدّين: هؤلاء وسائط بيننا وبين الله، وكما يقول المتّبعون للاهواء والشّياطين فى صورة الاعمال الشّرعيّة الصّادرة من اتّباع النّفس والشّياطين: هى وسائل بيننا وبين الله واسباب قربنا الى الله والحال انّها وسائل الشّيطان واسباب القرب الى الجحيم والنّيران { قُلْ } استهزاءً { أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } بالشّفعاء من حيث شفاعتهم او بشفاعتهم يعنى انّ ما فى السّماوات والارض معلوم له وما ليس معلوماً له فيهما فلا يكون { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } يعنى قبل بعثة الرّسل البشريّة كانوا على مقتضيات شهوات النّفوس آمّةً لها متوجّهةً اليها وبعد بعثة الرّسل انصرف طائفة عنها الى ما دعتهم الرّسل اليه من الخيرات الاخرويّة الانسانيّة وابى طائفة { فَٱخْتَلَفُواْ } وقبل بعثة الرّسل الباطنة من العقول كانوا على مقتضيات النّفوس الحيوانيّة آمّةً لها وبعد بعثة الرّسل الباطنة انصرف طائفة من قواهم الى ما دعتها الرّسل اليه وبقيت طائفة فاختلفوا وتنازعوا وتقاتلوا { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } كلمة امهالهم وآجالهم المؤخّرة المعيّنة سبقت فيما كتبه الملك المصوّر فى أرحام أمّهاتهم او سبق ثبتها فى الالواح والاقلام العالية { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } لحكم باظهار الحقّ والباطل وتميّز الحقّ عن المبطل.