الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }

فى معاملاتنا مع اهل مملكتنا والكثرات الخارجة من مملكتنا بالتّوسط بين افراط التنصّر وتفريط التّهوّد فانّ الافراط وهو التّجاوز عن الطّريق بعد الوصول اليه يمنعنا عن مشاهدة جمالك بعد ما منحتنا بها، والتّفريط ايضاً يقصّر بنا عن الحضور لديك. والهداية هى ارائة الطّريق سواء كانت مع الايصال الى المطلوب او الى الطّريق او مجرّدة عنهما، وسواء عديّت بنفسها او بالى او بالّلام، والصّراط بالصّاد والسّراط بالسّين والزراط بالزّاء الطّريق وقرء هاهنا بالصّاد والسّين والصّراط الظّاهر ظاهر ومستقيمه معلوم والمستوى منه ما كان فى حاقّ الوسط او مستقيماً وقد يقال المستقيم للطّريق الّذى يكون على اقرب الخطوط الى المقصود وهكذا المستوى والطّريق فى الحركات الاينيّة هو المسافة بين مبدء الحركة ومنتهاها سواء صارت جادّة وطريقاً فى الارض او لم تصر، وهكذا الحال فى الحركات الوضعيّة ويكون المسافة وحدودها فى هاتين الحركتين موجودة قبل الحركة وامّا الحركات الكيفيّة والكمّيّة والجوهريّة فالطّريق فيها وهى مراتب الكيف والكمّ الطّارئة على الجسم المتحرّك ومراتب الصّور الجوهريّة المتعاقبة على الجوهر المتحرّك غير موجود لا قبل الحركة ولا بعدها بل هو كالحركة القطعيّة الّتى لا وجود لها لا قبل الحركة ولا بعدها بل وجودها يكون فى الذّهن بسبب رسم وصول المتحرّك الى حدود المراتب امراً متّصلاً وحدانيّاً فيه والموجود من الطّريق فيها هو مرتبة من الكيف او الكّم او الجوهر الّتى وجودها كالحركة التّوسطيّة عين قوّة عدمها وتكوّنها عين قوّة تصرفها ولذلك اشكل الامر على كثير من اهل النّظر فى بقاء موضوع محفوظ فى هذه الحركات خصوصاً فى الحركات الكميّة والجوهريّة بناء على انّ الجسم التّعليمىّ منتزع عن الجسم الطّبيعى وبتبدّله يتبدّل الجسم الطّبيعىّ وبتبدّله يتبدّل الموضوع وهكذا الحال فى توارد الصّور الجوهريّة فى الحركات الجوهريّة والحقّ انّ الموضوع محفوظ بكمّ ما وصورة ما محفوظين فى ضمن الكمّيّات والصّور الواردة بحافظ شخصىّ غيبىّ ومادّة باقية بكمّ ما وصورةٍ ما فانّ الاتّصال الوحدانىّ مساوٍ للوحدة الشخصيّة وكل مكوّن من الجماد والنّبات والحيوان متحرّك من اوّل تكوّنه فى الكيف والكمّ بل فى الصّور الجوهريّة حتّى ينتهى الى كماله الّلائق بنوعه او شخصه وهذا معنى كون الكون فى التّرقى فانّ الحركة خروجٌ تدريجاً من القوّة الى الفعل والخروج من القوّة الى الفعل معنى التّرقّى وكلّ من هذه خروجه من القوّة الى الفعل من اوّل تكوّنه الى كماله الّلائق به يكون على الصّراط المستقيم والفعليّات الّلائقة به ان لم يمنعه مانع ولم يعقه عائق سوى الانسان من افراد الحيوان فانّه بحسب استكمال بدنه يخرج على الصّراط المستقيم الّلائق بنوعه وشخصه ان لم يعقه عائق وبحسب استكمال نفسه ايضاً يخرج من القوّة الى الفعل على الصّراط الّلائق بنوعه وشخصه ما لم يحصل له استقلال فى اختياره فاذا حصل له استقلال فى اختياره وحان اوان تمرينه وتكليفه فقد يخرج من القوى الى الفعليّات الّلائقة بنوع الانسان من دون حصول فعليّة مخالفة لنوعه متخلّلة بين تلك الفعليّات حتّى يصل الى آخرة فعليّاته وهى مقام الاطلاق والولاية الكليّة وعلويّة علىّ (ع) وهذا نادر وكثيراً ما يخرج من القوى الى الفعليّات الّلائقة به بتخلّل فعليّات غير لائقة به فيكون خروجه الى الفعليّات لا على الصّراط المستقيم الانسانىّ بل قد يعوّد صراطه الى غير الفعليّات الّلائقة به وقوله تعالى

السابقالتالي
2