الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } * { إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَٱرْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ } * { وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ } * { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ } * { لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ } * { وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ }

{ (44) لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأنفُسِهِمْ } أي ليس من عادة المؤمنين أن يستأذنوك في أن يجاهدوا وانّ الخلّص منهم يتبادرون إليه ولا يوقفونه على الأذن فيه فضلاً عن أن يستأذنوك في التخلف عنه أو ليس من عادتهم أن يستأذنوك في التخلف كراهة أن يجاهدُوا { واللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ } شهادة لهم بالتقوى وعدةٌ لهم بثوابه.

{ (45) إنَّمَا يَسْتَأذِنُكَ } في التخلّف { الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ } يتحيّرون، في الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام من تردّد في الريب سبقه الأوّلون وأدركه الآخِرون ووطأته سنابك الشياطين.

{ (46) وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ } للخروج { عُدَّةً } اُهبة.

العياشي مضمراً يعني بالعدّة النّية يقول لو كان لهم نيّةً لخرجوا { وَلَكِن كَرِهَ اللهُ انبِعَاثَهُمْ } نهوضهم للخروج إلى الغزو ولعلمه بأنّهم لو خرجوا لكانوا يمشون بالنّميمة بين المسلمين { فَثَبَّطَهُمْ } بطّأهم وجبّنهم وكسّلهم وخذلهم { وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ } مع النساء والصبيان وهو اذن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم في القعود وفي هذا دلالة على أنّ اذنه لم يكن قبيحاً وان كان الأولى أن لا يأذن لهم ليظهر للنّاس نفاقهم.

{ (47) لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ } بخروجهم { إِلاَّ خَبَالاً } فساداً وشرّاً { وَلأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ } وَلأسرعوا ركايبهم بينكم بالفساد.

القميّ أي هربوا عنكم { يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ } يريدون أن يفتنوكم بايقاع الخلاف فيما بينكم والرّعب في قلوبكم وافساد نيّاتكم في غزوتكم { وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ } أي عيون نمّامون يسمعون حديثكم فينقلونه إليهم أو فيكم قوم يسمعون قول المنافقين ويقبلونه ويطيعونهم يريد من كان ضعيف الإيمان من المسلمين { وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } المصرّين على الفساد يعلم ضمايرهم وما يتأتّى منهم.

{ (48) لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ } تشتيت شملك وتفريق أصحابك { مِن قَبْلُ } قيل يعني يوم أُحد وقيل هي وقوفهم على الثّنيّة ليلة العقبة ليفتكوا به { وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ } أي دبّروا لك الحيل والمكايد واحتالوا في ابطال أمرك { حَتّى جَآءَ الْحَقُّ } وهو تأييدك ونصرك { وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ } وغلب دينه وعلا أهله { وَهُمْ كَارِهُونَ } أي على رغِم منهم والإِتيان لتسلية الرّسُول والمؤمنين علىتخلّفهم وبيان ما ثبّطهم الله لأجله وهتك استارهم وازاحة اعتذارهم تداركاً لما فات الرّسول بالمبادرة إلى الإِذن.

{ (49) وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَنْ لِّي } في القعود { وَلاَ تَفْتِنِّي } ولا توقعني في الفتنة أي العصيان للمخالفة بأن لا تأذن لي فانّي إن تخلّفت بغير اذنك أثمت أو في الفتنة بنساء الروم كما يأتي ذكره { أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } أي أنّ الفتنة هي التي سقطوا فيها وهي فتنة التخلّف وظهور النفاق { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ } أي بهم لأنّ آثار إحاطتها بهم معهم فكأنّهم في وسطها.

السابقالتالي
2