الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ }

{ (31) اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ } بأن أطاعوهم في تحريم ما أحلّ الله وتحليل ما حرّم الله.

وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم لما أجابوهم ولكن أحلّوا لهم حراماً وحرّموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون.

وفي معناه أخبار كثيرة { وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ } بأن أهّلوه للعبادة.

القميّ عن الباقر عليه السلام أمَّا المسيح فعصوه وعظّموه في أنفسهم حتى زعمُوا أنّه إله وانّه ابن الله وطائفة منهم قالوا ثالث ثلاثة وطائفة منهم قالوا هو الله وأمّا أحبارهم ورهبانهم فانّهم أطاعوهم وأخذوا بقولهم واتبعوا ما أمروهم به ودانوا بما دعوهم إليه فاتّخذوهم أرباباً بطاعتهم لهم وتركهم أمر الله وكتبه ورسله فنبذوه وراء ظهورهم قال وانّما ذكر هذا في كتابنا لكي نتّعظ بهم { وَمَآ أُمِرُواْ إلاَّ لِيَعْبِدُواْ } ليطيعُوا { إِلَهاً وَاحِداً } وهو الله تعالى وأمّا طاعة الرسل وأوصيائهم فهي في الحقيقة طاعة الله لأنّهم عن الله يأمرون وينهون { لآَّ إلَهَ إلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } تنزيه له عن الاشراك.

{ (32) يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ } يخمدوا { نُورَ اللهِ بَأَفْوَاهِهِمْ } بشركهم وتكذيبهم { وَيَأْبَى اللهُ إلآَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ } باعلاءِ التوحيد واعزاز الإِسلام { وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } مثل الله سبحانه حالهم في طلبهم إبطال نبوّة محمد صلَّى الله عليه وآله وسلم وولاية عليّ عليه السلام بالتكذيب بحال من يريد أن ينفخ في نور عظيم يريد الله أن يبلغه الغاية القصوى من الإِضاءة والإِنارة ليطفئه بنفخه.

في الإِحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في هذه الآية يعني أنّهم أثبتوا في الكتاب ما لم يقله الله ليلبسوا على الخليقة فأعمى الله قلوبهم حتى تركوا فيه ما دلّ على ما أحدثوه فيه وحرفوا منه.

وعنه عليه السلام وجعل أهل الكتاب القيّمين به والعالمين بظاهره وباطنه من شجرة أصلها ثابت وفرعها في السَّماءِ تؤتى أكلها كلّ حين بإذن ربّها أي يظهر مثل هذا العلم لمحتمليه في الوقت بعد الوقت وجعل اعداءها أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا اطفاء نور الله بأفواههم فأبى الله إلاَّ أن يتمّ نوره.

وفي الإكمال عن الصادق عليه السلام وقد ذكر شقّ فرعون بطون الحوامل في طلب موسى كذلك بنو أميّة وبنو العبّاس لمّا أن وقفوا على أنّ زوال ملك الأمراءِِ والجبابرة منهم على يد القائم ناصبونا العداوة ووضعوا سيوفهم في قتل أهل بيت رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وابادة نسله طمعاً منهم في الوصول إلى قتل القائم عليه السلام فأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظّلمة إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره المشركونَ.

السابقالتالي
2