الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ يَتُوبُ ٱللَّهُ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }

{ (27) ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلَى مَن يَشَآءُ } منهم بالتّوفيق للاسلام { وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } يتجاوز عنهم ويتفضّل عليهم.

روي أنَّ أُناساً منهم جاؤا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وأسلموا وقالوا يا رسول الله أنت خير النّاس وأبرّهم وقد سبي أهلونا وأولادنا وأُخذت أموالنا وقد سبي يومئذ ستّة آلاف نفس وأُخذ من الإِبل والغنم ما لا يحصى فقال اختاروا إمّا سباياكم وإمّا أموالكم فقالوا ما كنّا نعدل الأحساب شيئاً فقام رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وقال إنّ هؤلاءِ جاؤا مسلمين وإنّا خيرّناهم بين الذّراري والأموال فلم يعدلوا بالأَحساب شيئاً فمن كان بيده سبي وطابت نفسه أن يردّه فشأنه ومن لا فليعطنا وليكن قرضاً علينا حتى نصيبَ شيئاً فلنعطيه مكانه فقالوا رضينا وسلّمنا فقال إنّي لا أدري لعلّ فيكم من لا يرضى فمروا عرفائكم فليرفعوا إلينا فرفعوا أنّهم قد رضوا.

{ (28) يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ } لخبث باطنهم { فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً } فقراً بسبب منعهم من الحرم وانقطاع ما كان لكم من قدومهم من المكاسب والمنافع { فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ } من عطائه وتفضّله على وجه آخر { إِن شَآءَ } ، قيل قيّده بالمشيئة لينقطع الآمال إلى الله تعالى ولنبيّه على أنّه متفضّل في ذلك وانّ الغنى الموعود يكون لبعض دون بعض وفي عام دون عام وقد أنجز وعدَهُ بأن أرسل السّماء عليهم مدراراً ووفّق طائفة من أهل اليمن للاسلام فحملوا الطّعام إلى مكة ثمّ فتح عليهم البلاد والغنائم وتوجّه إليهم الناس من أقطار الأرض { إنَّ اللهَ عَلِيمٌ } بأحوالكم { حَكِيمٌ } فيما يعطي ويمنع.

{ (29) قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الأَخِرِ } يعني لا يؤمِنون بهما على ما ينبغي فانّ إيمانهم كلا إيمان { وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ } ما ثبت تحريمة بالكتاب والسنة { وَلاَ يَدينُونَ دِينَ الْحَقِّ } الثابت الذي هو ناسخ سائر الأديان ومبطلها { مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ } بيان للّذين لا يؤمنون { حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ } ما يقرّر عليهم أن يعطوه من جزي دينه إذا قضاه { عَن يَدٍ } مواتية غير ممتنعة { وَهُمْ صَاغِرُونَ } أذْلاّء يعني يؤخذ منهم على الصّغار والذّلّ.

في الكافي والتهذيب عن الباقر عليه السلام بعث الله محمّداً صلَّى الله عليه وآله وسلم بخمسةِ أسياف إلى أن قال والسّيف الثاني على أهل الذمّة قال الله تعالىوَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً } [البقرة: 83] نزلت هذه الآية في أهل الذمّة ثم نسخها قوله سبحانه { قاتلوا الذين لا يؤمنِونَ بالله ولا باليوم الآخر } الآية.

فمن كان منهم في دار الإِسلام فلم يقبل منهم إلاّ الجزية أو القتل وما لهم فيئ وذراريهم سبي واذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم وحرمت أموالهم وحلّت لنا مناكحهم ومن كان منهم في دار الحرب حلّ لنا سبيهم وأموالهم ولم يحلّ لنا مناكحتهم ولم يقبل منهم إلاّ الدّخول في دار الإِسلام أو الجزية أو القتل.

السابقالتالي
2