الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللهِ شَٰهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَٰلُهُمْ وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَٰلِدُونَ } * { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَىٰ ٱلزَّكَٰوةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ } * { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

{ (16)أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ } أم منقطعة وفي الهمزة معنى التوبيخ يعني أنكم لا تتركون على ما أنتم عليه { وَلمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ } ولم يتبيّن المخلصون منكم وهم المجاهدون في سبيل الله لوجه الله { وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً } يعني المخلصين غير المتّخذين من دونهم بطانة يوالونهم ويفشون إليهم أسرارهم ولمّا دلت على أنّه متوقع قيل أراد بنفي العلم نفي العلوم.

والقميّ أي لمّا يرى فأقام العلم مقام الرّؤية لأنّه قد علم قبل أن يعلموا.

وعن الباقر عليه السلام يعني بالمؤمنين آل محمد صلَّى الله عليه وآله وسلم والوليجة البطانة.

وفي الكافي عنه عليه السلام يعني بالمؤمنين الأئمّة عليه السلام.

وعنه عليه السلام لا تتّخذوا مِنْ دون الله وليجة فلا تكونوا مؤمنين فانّ كل سبب ونسب وقرابة وليجة وبدعة وشبهة منقطع الا ما أثبته القرآن.

وعَن أبي محمّد الزّكيّ عليه السلام الوليجة الذي يقام دون وليّ الأمر والمؤمنون في هذا الموضع هم الأئمّة عليهم السلام الذين يؤمنون على الله فيجيز أمانهم { وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } يعلم { خَبِيْرٌ } غرضكم منه.

{ (17) مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ } ما صحّ لهم ولا استقام { أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ اللهِ } شيئاً من المساجد فضلاً عن المسجد الحرام وقرئ بالتّوحيد { شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ } باظهار الشرك ونصب الأصنام حول البيت.

في الجوامع روي أنّ المسلمين عيّروا أسارى بدر ووبّخ علىالعباس بقتال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وقطيعة الرّحم فقال العباس تذكرون مساوينا وتكتمون محاسننا فقالوا أَوَ لكم محاسن قال نعم إنّما نعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقي الحجيج ونفكّ العاني فنزلت { أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } التي هي العمارة والسّقاية والحجابة وفكّ العناة التي يفتخرون بها بما قارنها من الشرك { وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ } لأجله.

{ (18) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الله مَنْ ءَامَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ وَأقَامَ الصَّلاَةَ وَءَاتَى الزَّكَاةَ } إنّما تستقيم عمارتها لهؤلاءِ الجامعينَ للكمالات العلميّة والعمليّة والعمارة يتناول بناؤها ورمّ ما استرمّ منها وكنسها وتنظيفها وتنويرها بالسّرج وزيارتها للعبادة والذّكر ودرس العلم وصيانتها مما لم تبن له كحديث الدنيا وفي الحديث القدسي إنّ بيوتي في الأرض المساجد وانّ زواري فيها عمّارها فطوبى لعبد تطهّر في بيته ثم زارني في بيتي فحقّ على المزور أن يكرم زائره " وفي الحديث النّبويّ صلَّى الله عليه وآله وسلم يأتي في آخر الزمان ناس من أُمتي يأتون المساجد يقعدون فيها حلقاً ذكرهم الدنيا وحبّ الدنيا لا تجالسوهم فليس لله بهم حاجة " { وَلَمْ يَخْشَ إلاَّ اللهَ } يعني في أبواب الدين بأن لا يختار على رضاء الله رضاء غيره فانّ الخشية من المحاذير جبليّة لا يكاد العاقل يتمالك عنها { فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ } ذكره بصيغة التوقع قطعاً لأطماع المشركين في الإِهتداءِ والإِنتفاع بأعمالهم.

السابقالتالي
2