الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا كَانَ لأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنْفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَطَأُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }

{ (120) مَا كَانَ لأهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ } بل عليهم أن يصحبوه على البأساءِ والضّرّاءِ ويكابدوا معه الشدائد برغبة ونشاط كما فعله أبو ذرّ وأبو خيثمة { ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ } شيء من العطش { وَلاَ نَصَبٌ } تعب { وَلاَ مَخْمَصَةٌ } مجاعة { فِي سَبِيلِ اللهِ } في طريق الجهاد { وَلاَ يَطَأُونَ } لا يدسون بأرجلهم وبحوافر خيولهم وأخفاف رواحلهم { مَوْطِئاً } موضعاً { يَغِيظُ الْكُفَّارَ } وطأهم إيّاه ويضيق صدورهم بتصرفهم في أرضهم { وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً } بقتل أو أسر أو نهب { إلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ } واستوجبوا الثواب عند الله { إنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }.

{ (121) وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً } أرضاً في مسيرهم والوادي كل منفرج ينفذ فيه السيل فشاع بمعنى الأرض { إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ } ذلك الإِنفاق وقطع الوادي { لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ } بذلك { أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } جزاء أحسن أعمالهم أو أحسن جزاءِ أعمالهم.

{ (122) وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً } وما استقام لهم أن ينفروا جميعاً لنحو غزو وطلب علم كما لا يستقيم لهم أن يتثبطوا جميعاً { فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ } فهلا نفر من كلّ جماعة كثيرة كقبيلة وأهل بلدة { طَآئِفَةٌ } جماعة قليلة { لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ } ليتكلّفوا الفقاهة فيه ويتجشموا مشاق { وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إذَا رَجَعُواْ إلَيْهِمْ } فيه دلالة على أنّه ينبغي أن يكون غرض المتفقه أن يستقيم ويقيم لا الترفع على الناس والتبسط في البلاد { لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } ارادة أن يحذروا عمّا ينذرون منه.

في العلل عن الصادق عليه السلام أنّه قيل له أنّ قوماً يروون أنّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم قال اختلاف أمّتي رحمة فقال صدقوا فقيل ان كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب قال ليس حيث تذهب وذهبوا إنّما أراد قول الله عزّ وجلّ { فلولا نفر من كلّ فرقة } الآية فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم ويختلفوا إليه فيتعلّموا ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلّموهم إنّما أراد اختلافهم من البلدان لا اختلافاً في الدين الله إنّما دين واحد.

وفي الكافي قيل للصادق عليه السلام إذا حدث على الإِمام حدث كيف يصنع الناس فقال أين قول الله عزّ وجلّ { فلولا نفر من كلّ فرقة } الآية قيل فما حالهم قال هم في عذر ما داموا في الطلب وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر حتى يرجع إليهم أصحابهم.

والعياشي عنه عليه السلام ما في معناه.

وفي المجمع عن الباقر عليه السلام كان هذا حين كثر الناس فأمرهم أن ينفر منهم طائفة ويقيم طائفة للتفقه وأن يكون الغزو نوباً.

أقول: يعني يبقى مع النّبي صلَّى الله عليه وآله وسلم طائفة للتفقه وانذار النافِرة فيكون النفر للغزو والقعود للتفقّه.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام والعياشي عن الباقر عليه السلام تفقّهوا في الدين فانّه من لم يتفقّه منكم في الدين فهو اعرابي إنّ الله يقول في كتابه { ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم }.