الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ ٱللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

{ (106) وَءَاخَرُونَ مُرْجَوْنَ } مؤخّرون أي موقوف أمرهم من ارجأته إذا أخّرته وقرئ مرجون بالواو وهو بمعناه { لأَمْرِ اللهِ } في شأنهم { إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يُتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ } بأحوالهم { حَكِيمٌ } فيما يفعل بهم.

في الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام والقميّ عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قوم كانوا مشركين فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين ثم أنّهم دخلوا في الإِسلام فوحّدوا الله وتركوا الشرّك ولم يعرفوا الإِيمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنّة ولم يكونوا على جحودهم فيكفروا فتجب لهم النّار فهم على تلك الحال إمّا يعذّبهم الله وإمّا يتوب عليهم.

{ (107) وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً } وقرىء الذين بدون الواو لأنّه قصّة برأسها.

في الجوامع روي أنّ بني عمرو بن عوف لمّا بنوا مسجد قباء وصلّى فيه رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم حسدتهم إخوتهم بنو غنم بن عوف وقالوا نبني مسجداً نصلِّي فيه ولا نحضر جماعة محمد صلَّى الله عليه وآله وسلم فبنوا مسجداً إلى جنب مسجد قباء وقالوا لرسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وهويتجهّز إلى تبوك إنّا نحبّ أن تأتينا فتصليّ لنا فيه فقال إنّي على جناح سفر ولمّا انصرف من تبوك نزلت فأرسل من هدم المسجد وأحرقه وأمر أن يتخذ مكانه كناسة يلقى فيه الجيف والقمامة { ضِرَاراً } مضارة للمؤمنين أصحاب مسجد قباء { وَكُفْراً } أو تقوية للكفر الذي كانوا يضمرونه { وَتَفْرِيقاً بِيْنَ الْمُؤْمِنِينَ } الذين كانوا يجتمعون للصّلاة في مسجد قبا أرادوا أن يتفرّقوا عنه تختلف كلمتهم { وَإِرْصَاداً } واعداداً أو ترقَباً { لِّمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ } يعني أبا عامر الراهب قيل بنوه على قصد أن يؤمّهم فيه أبو عامر إذا قدم من الشام.

في الجوامع أنّه كان قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح فلمّا قدم النبيّ المدينة حَسَده وحزّب عليه الأحزاب ثم هرب بعد فتح مكة وخرج إلى الرّوم وتنصر وكان هؤلاء يتوقعون رجوعه إليهم وأعدّوا هذا المسجد له ليصلّي فيه ويظهر على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وانّه كان يقاتل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في غزواته إلى أن هرب إلى الشام ليأتي من قيصر بجنود يحارب بهم رسول الله ومات بقنسرين وحيداً { وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَآ إلاَّ الْحُسْنَى } ما أردنا ببنائه إلاَّ الخصلة الحُسنى وهي الصلاة والذكر والتوسعة على المصلين { وَاللهُ يَشْهَدُ إنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } في حلفهم.

القميّ " كان سبب نزولها انه جاء قوم من المنافقين إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول الله أتأذن لنا أن نبني مسجداً في بني سالم للعليل والليلة والمطيرة والشيخ الفاني فأذن لهم رسول الله صلِّى الله عليه وآله وسلم وهو على الخروج إلى تبوك فقالوا: يا رسول الله لو أتيتنا فَصَلَّيت فيه قال: أنا على جناح السّفر فإذا وافيت إن شاء الله آتيه وأصلّي فيه.

فلمّا أقبل رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم من تبوك نزلت عليه هذِهِ الآية "

السابقالتالي
2 3 4