الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُخْزِي ٱلْكَافِرِينَ }

{ (1) بَرَآءَةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ } أي هذه براءة والمعنى أنّ الله ورسوله بريئان من العهد الذي عاهدتم به المشركينَ إن قيل كيف يجوز أن ينقض النّبيّ العهد أُجيب بوجهين.

أحدهما أّنه كان قد شرط عليهم بقاء العهد إلى أن يرفعه الله بوحي والثاني أنّهم قد نقضُوا أو همّوا بذلك فأمر الله أن ينقض عهدهم.

وفي المجمع نسب الوجهين إلى الرّواية.

{ (2) فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } خطاب للمشركين أُمروا أن يسيحوا في الأرض أربعة أشهر آمنين أين شاؤا لا يتعرض لهم ثم يقتلون حيث وجدوا.

القمّي عن الرضا عليه السلام فأجّل الله المشركين الذين حجّوا تلك السنة أربعة أشهر حتى يرجعوا إلى مأمنهم ثم يقتلون حيث وجدوا.

وعن الصادق عليه السلام نزلت هذه الآية بعدما رجع رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم من غزوة تبوك في سنة تسع من الهجرة قال وكان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم لما فتح مكة لم يمنع المشركين الحجّ في تلك السنة وكان سنة من العرب في الحجّ أنّه من دخل مكة وطاف بالبيت في ثيابه لم يحلّ له امساكها وكانوا يتصدّقون بها ولا يلبسونها بعد الطّواف فكان من وافى مكة يستعير ثوباً ويطوف فيه ثم يرده ومن لم يجد عارية اكترى ثياباً ومن لم يجد عارية ولا كرى ولم يكن له إلا ثوب واحد طاف بالبيت عرياناً فجاءت امرأة من العَرَب وسيمةً جميلة فطلبت عاريّة أو كرى فلم تجده فقالوا لها إن طفت في ثيابك احتجت ان تتصدقي بها فقالت وكيف اتصدّق بها وليس لي غيرها فطافت بالبيت عريانة وأشرف لها الناس فوضعت احدى يدها على قبلها وأخرى على دبرها وقالت اليوم يبدوا بعضه أو كلّه فما بدا منه فلا أحلّه فلمّا فرغت من الطواف خطبها جماعة فقالت إنّ لي زوجاً وكانت سيرة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم قبل نزول سورة براءة أن لا يقاتل إلاّ من قاتله ولا يحارب إلا من حاربه وأراده وقد كان نزل عليه في ذلك من الله عزّ وجلّفَإِنِ ٱعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً } [النساء: 90] فكان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم لا يقاتل أحداً قد تنحّى عنه واعتزله حتى نزلت عليه سورة براءة وأمره بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله الا الذين قد كان عاهدهم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكة إلى مدّة منهم صفوان بن أميّة وسهيل بن عمرو فقال الله عزّ وجلّ { براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحُوا في الأرض أربعة أشهر } ثم يقتلون حيث ما وجدوا فهذه أشهر السياحة عشرين من ذي الحجّة والمحرّم وصفر وشهر ربيع الأوّل وعشراً من ربيع الآخر فلما نزلت الآيات من أوّل براءة دفعها رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم إلى أبي بكر وأمره بأن يخرج إلى مكة ويقرأها على الناس بمنى يوم النّحر فلما خرج أبو بكر نزل جبرئيل على رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم قال يا محمد لا يؤدي عنك إلاّ رجل منك فبعث رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين عليه السلام في طلبه فلحقه بالرّوحاءِ فأخذ منه الآيات فرجع أبو بكر إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله أنزل في شيء قال إنّ الله أمرني أن لا يؤدّي عني الا أنا أو رجل منّي.

السابقالتالي
2