الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِيۤ أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِيۤ أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ } * { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ } * { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }

{ (43) إذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً } لتخبر به أصحابكَ فيكون تثبيتاً لهم وتشجيعاً على عدوهم { وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ } لجبنتم { وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ } أمر القتال وتفرقت آراؤكم بين الثبات والفرار { وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ } أنعم بالسلامَةِ من الفشل والتنازع { إنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ } يعلم ما سَيَكون فيها وما يغيّر أحوالها من الجرأة والجبن.

القميّ فالمخاطبة لرسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم والمعنى لأصحابه أراهم الله قريشاً في منامهم أنهّم قليل ولو أراكهم كثيراً لفزعوا.

في الكافي عن الباقر عليه السلام كان إبليس يوم بدر يقلّل المسلمين في أعين الكفار ويكثر الكفار في أعين الناس فشدّ عليه جبرئيل بالسيف فهرب منه وهو يقول يا جبرئيل إنّي مؤجّل حتى وقع في البحر قيل لأيّ شيء يخاف وهو مؤجّل قال يقطع بعض أطرافه.

{ (44) وَإذْ يُرِيكُمُوهُمْ إذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً } تصديقاً لرؤيا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وتثبيتاً لكم في الجوامع عن ابن مسعود لقد قلّلوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى جنبي أتراهم سبعين قال أراهم مأة فأسرنا رجلاً منهم فقلنا كم كنتم قال ألفاً { وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ } حتى قال قائل منهم إنّما هم أكلة جزور وقال أبو جهل ما هم إلاّ أكلة رأس لو بعثنا عليهم عبيدنا لأخذوهم أخذاً باليد كما مرّ ذكره في القصة وانّما قلّلهم في أعينهم ليجترؤا عليهم قبل اللقاءِ ثم كثرهم فيها بعد اللقاءِ ليفجأهم الكثرة فَيهَابُوا وتقلّ شوكتهم حين يرون ما لم يكن في حسبانهم وهذا من عظائم آيات تلك الوقعة وعجائب قدرة الله فيها فانّ البصر وان كان قد يرى الكثير قليلاً والقليل كثيراً لكن لا على هذا الوجه ولا إلى هذا الحدّ { لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ }.

{ (45) يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إذَا لَقِيتُمْ فِئَةً } إذا حاربتم جماعة كافرة أو باغية واللقاء مما غلب في القتال { فَاثْبُتُوا } لقتالهم ولا تفرقوا { وَاذْكُرُواْ اللهَ كَثِيراً } في مواطن الحرب داعين له مستظهرين بذكره مترقّبين لنصره { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } تظفرون بمرادكم من النصرة والمثوبة قيل فيه تنبيه على أنّ العبد ينبغي أن لا يشغله شيء عن ذكر الله تعالى وأن يلتجىء إليه عند الشدائد ويقبل عليه بشراشره فارغ البال واثقاً بأن لطفه لا ينفكّ عنه في شيء من الأحوال.

{ (46) وَأَطِيعُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ } باختلاف الآراءِ كما فعلتم ببدر وأُحد { فَتَفْشَلُواْ } فتضعفوا عن قتال عدوكم { وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } دولتكم شبهت الدولة بالريح في نفوذ أمرها وهبوبها يقال هبّت ريح فلان إذا نفذ أمره وقيل لم يكن قط نصر إلا بريح يبعثها الله.

وفي الحديث النبوي صلَّى الله عليه وآله وسلم

السابقالتالي
2