الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ يِٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ }

{ (29) يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إن تَتَّقُواْ اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً } هداية في قلوبكم تفرّقون بها بين الحقّ والباطل.

القميّ يعني العلم الذي به تفرّقون بين الحق والباطل { وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ } ويسترها { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } بالتجاوز والعفو عنها { وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }.

{ (30) وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ } واذكر إذ يمكر بك قريش ذكّره ذلك ليشكر نعمة الله عليه في خلاصه { لِيُثْبِتُوكَ } بالحبس { أَوْ يَقْتُلُوكَ } بسيوفهم { أوْ يُخْرِجُوكَ } من مكّة. { وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ } بردّ مكرهم ومجازاتهم عليه { وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }.

العياشي عن أحدهما عليهمَا السلام أنّ قريشاً اجتمعت فخرج من كلّ بطن أناس ثم انطلقوا إلى دار النّدوة ليتشاوروا فيما يصنعون برسول اللهِ فاذا شيخ قائم على الباب واذا ذهبوا إليه ليدخلوا قال ادخلوني معكم قالوا ومن أنت يا شيخ قال أنا شيخ من مضرَ وليَ رأي أشير به عليكم فدخلوا وجلسُوا وتشاوروا وهو جالس وأجمعوا أمرهم على أن يخرجوه فقال ليس هذا لكم برأي إن أخرجتموه أجلب عليكم الناس فقاتلوكم قالوا صدقت ما هذا برأي ثم تشاوروا فأجمعُوا أمرهم على أن بوثقوه قال هذا ليس بالرأي إن فعلتم هذا ومحمّد رجل حلو اللسان أفسد عليكم أبناءَكم وخدمكم وما نفع أحدكم إذا فارقه أخوه وابنه وامرأته ثمّ تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يقتلوه يخرجون من كلّ بطن منهم بشاهر فيضربونه بأسيافهم جميعاً عند الكعبة ثم قرأ هذه الآية واذ يمكر بك الذين كفرُوا.

والقميّ نزلت بمكة قبل الهجرة وكان سبب نزولها أنّه لما أظهر رَسُول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم الدّعوة بمكة قدمت عليه الأوس والخزرج فقال لهم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم تمنعوني وتكونون لي جاراً حتى أتلو عليكم كتاب ربّي وثوابكم على الله الجنّة فقالوا نعم خذ لربّك ولنفسك ما شئت فقال لهم موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق فحجّوا ورجعوا إلى منى وكان فيهم مّمن قد حجّ بشر كثير فلما كان الثاني من أيّام التشريق.

قال لهم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم إذا كان الليل فاحضروا دار عبد المطلب على العَقَبة ولا تنبّهوا نائماً ولينسل واحداً فواحداً فجاء سبعون رجلاً من الأوس والخزرج فدخلوا الدار فقال لهم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم تمنعوني وتجيروني حتى أتلو عليكم كتاب ربّي وثوابكم على الله الجنّة.

فقال سعد بن زرارة والبراء بن معرور وعبد الله بن حزام نعم يا رسول الله اشترط لربّك ولنفسِك ما شئت فقال أمّا ما أشترط لربّي فان تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأشترط لنفسي أن تمنعوني ممّا تمنعون أنفسكم وتمنعون أهلي ممّا تمنعون أهليكم وأولادكم فقالوا فما لنا على ذلك فقال الجنّة في الآخرة وتملكون العرب ويدين لكم العجم في الدنيا وتكونون ملوكاً في الجنّة فقالوا قد رضينا.

السابقالتالي
2 3 4