الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ } * { وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { ذٰلِكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ ٱلْكَافِرِينَ } * { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ (15) يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً } كثيراً بحيث يرى كثرتهم كأنهّم يزحفون أي يدنون، القميّ أي يدنو بعضهم من بعض { فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ } بالانهزام.

{ (16) وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ } لأن يكرّ بعد الفرّ لأن يخيّل عدوّه أنّه منهزم وهو من مكايد الحرب { أَوْ مُتَحَيِّزاً إلى فِئَةٍ } أو منحازاً إلى فئة أخرى من المسلمين ليستعينَ بهم { فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِير } العياشي عن الكاظم عليه السلام إلاّ متحرّفاً لقتال قال متطرّداً يريد الكرة عليهم أو متحيّزاً يعني متأخّراً إلى أصحابه من غير هزيمة فمن انهزم حتى يجوز صف أصحابه فقد باءَ بغضب من الله.

{ (17) فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ } بقوتكم يعني إن افتخرتم بقتلهم فأنتم لم تقتلوهم { وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ } بأن أنزل الملائكة والقى الرعب في قلوبهم وقوّى قلوبكم { وَمَا رَمَيْتَ } أنت يا محمّد { إذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى } حيث أثّرت الرّمية ذلك الأثر العظيم، القميّ يعني الحَصى الذي حمله رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم ورمى في وجوه قريش وقال شاهت الوجوه.

روي أنّ قريشاً لمّا جاءت بخيلائها اتاه جبرئيل فقال خذ قبضة من تراب فارمهم بها فقال لعلي اعطني قبضة من حصاة الوادي فاعطاه فرمى بها في وجوههم وقال شاهت الوجوه فلم يبق مشرك إلاّ شغل بعَينيه فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم ثم لما انصرفوا أقبلوا على التفاخر فيقول الرجل قتلت وأسرت فنزلت اية الرّمي لرسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم لأنّه وجد منه صورة ونفاه عنه معنىً لأنّ أثره الذي لا يدخل في قدرة البشر فعل الله سبحانه فكأنّه فاعل الرّمية على الحقيقة وكأنّها لم توجد من الرّسول وفيه وجه آخر غامِض.

وفي الإِحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث قال في هذه الآية سمّي فعل النبي فعلاً له ألا ترى تأويله على غير تنزيله.

العياشي عن الصادق والسجّاد عليهمَا السلام أنّ عليّاً عليه السلام ناول رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم القبضة التي رمى بها في وجوه المشركين فقال الله وما رميت إذ رميت ولكنّ الله رمى.

وفي الخصال في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وتعدادها قال وأمّا الخامسة والثاثون فانّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وجّهني يوم بدر فقال أيتني بكف حصيات مجموعة في مكان واحد فأخذتها ثم شممتها فاذا هي طيّبة يفُوح منها رائحة المسك فأتيته بها فرمى بها وجوه المشركين وتلك الحصيات أربع منها كن من الفردوس وحصاة من المشرق وحصاة من المغرب وحصاة من تحت العرش مع كلّ حصاة مأة الف ملك مدداً لنا لم يكرم الله عزّ وجلّ بهذه الفضيلة أحداً قبلنا ولا بعدنا { وَلِيُبْلِىَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلآَءً حَسَناً } ولينعمَ عليهم نعمة عظيمة بالنّصر والغنيمة ومشاهدة الآيات فَعَلَ مَا فَعَلَ { إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ } لاستغاثتهم ودعائهم { عَلِيمٌ } بنيّاتهم وأحوالهم.

السابقالتالي
2