الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ } * { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ } * { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلاۤئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { ذٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ }

{ (9) إِذْ تَسْتَغِيثونَ رَبَّكُمْ } لمّا علمتم أن لا محيص عن القتال مع قلّتكم وكثرة عدوّكم بدل من إذ يعدكم.

في المجمع عن الباقر عليه السلام " أنّ النبيّ صلىّ الله عليه وآله وسلم لمّا نظر الى كثرة عدد المشركين وقلّة عدد المسلمين استقبل القبلة وقال اللهم انجز لي ما وعدتني اللَّهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض فما زال يهتف ربه مادّاً يديه حتّى سقط رداؤه عن منكبه فأنزل الله إذ تستغيثون الآية " { فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ } متبعين المؤمنين أو بعضهم بعضاً من أردفته أنا إذا جئت بعده وقرئ بفتح الدّال وهو من أردفته إيّاه.

{ (10) وَمَا جَعَلَهُ اللهُ } أي الإِمداد { إلاَّ بُشْرَى } بشارة لكم بالنصر { وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ } ليزول ما بها من الوَجَل لقلّتكم وذلّتِكم { وَمَا النَّصْرُ إلاَّ مِنْ عِندِ اللهِ إنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } وامداد الملائكة وكثرة العدد وسائط لا تأثير لها فلا تحسبوا النّصَر منها ولا تيأسوا منه بفقدها.

{ (11) إذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعُاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ } أمناً من الله بدل ثان من إذ يعدكم لإِظهار نعمة ثالثة والمعنى إذ تنعسون لأمنكم الحاصِل من الله بازالة الرّعب عن قلوبكم { وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ } من الحَدَث والخبث.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام اشربوا ماء السَّماءِ فإنّه يطهّر البدن ويدفع الأسقام ثم تلا هذه الآية.

ومثله في الخصال والعياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام { وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ } يعني الجنابة وذلك لأنّه احتلم بعضهم وغلب المشركون على الماءِ ويحتمل أن يكون المراد برجز الشيطان وسوسته وتخويفه إيّاهم من العطش إذ روي أنّهم نزلوا في كثيب اعقر تسوخ فيه الأقدام على غير ماءٍ وناموا فاحتلم أكثرهم وقد غلب المشركون على الماءِ فوسوس إليهم الشيطان وقال كيف تنصرون وقد غلبتم على الماءِ وأنتم تصلّون محدثين مجنبين وتزعمون أنّكم أولياء الله وفيكم رسوله فاشفقوا فأنزل الله المطر فمطروا ليلاً حتى جرى الوادي واتخذوا الحياض على عدوته وسقوا الركاب واغتسلوا وتوضئوا وتلبّدوا الرمل الذي بينهم وبين العدوّ وحتى ثبتت عليه الأقدام وزالت الوسوسة { وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكِمْ } بالوثوق على لطف الله تعالى بكم { وَيُثَبِّتَ بِهِ } بالمطر { الأَقْدَامَ } حتى لا تسوخ في الرمل أو بالرّبطِ على القلوب حتى تثبت في المعركة.

{ (12) إذْ يُوحِى رَبُّكَ } بدل ثالث لإِظهار نعمة رابعة { إلَى الْمَلاَئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ } في اعانتهم وتثبيتهم { فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ ءَامَنُواْ } بالبشارة لهم وبتكثير سوادهم ومحاربة أعادائهم { سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ } أعاليها التي هي المذبح والرّؤوس { وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } أصابع أي جزّوا رقابهم واقطعوا أطرافهم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد