الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

{ (1) يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ } عن حكمها وهي غنائم خاصّة والنّفل الزيادة على الشيء سمّيت به الغنيمة لأنّها عَطيّة من الله وفضل.

في المجمع قرأ السجاد والباقر والصادق عليهم السلام يسألُونك الأنفال يعني أن تعطيهم { قُلِ الأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ } مختصة بهما يضعانها حيث شاءا.

في التهذيب عن الباقر والصادق عليهما السلام الفيء والأنفال ما كانَ من أرض لم تكن فيها هراقة دم أو قوم صُولحوا وأعطوا بأيديهم وما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كلّه من الفيء والأنفال فهذا كله للهِ ولرسوله فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث شاء وهو للإِمام بعد الرسُول.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب أو قوم صولحوا أو قوم أعطوا بأيديهم وكل أرض خربة وبطون الأودية فهو لرسول الله وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء.

وعنه عليه السلام في عدّة أخبار من مات وليس له وارث فما له من الأنفال.

وعنه عليه السلام نحن قوم فرض الله طاعتنا لنا الأنفال ولنا صفو المال.

والعياشي عن الباقر عليه السلام لنا الأنفال قيل ومَا الأنفال قال منها المعادن والآجام وكل أرض لا ربّ لها وكل أرض باد أهلها فهو لنا وقال ما كانَ للملوك فهو من الأنفال.

وفي الجوامع عن الصادق عليه السلام الأنفال كل ما أخذ من دار الحرب بغير قتال وكل أرض انجلى أهلها عنها بغير قتال وسماها الفقهاء فيئاً والأرضون الموات والآجام وبطون الأودية وقطايع الملوك وميراث من لا وارث له وهي لله وللرسول ولمن قام مقامه بعده.

والقميّ عنه عليه السلام أنّه سئل عن الأنفال فقال هي القرى التي قد خربت وانجلى أهلها وهي لله وللرسول وما كان للملوك فهو للإمام وما كان من أرض خربة لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وكل أرض لا ربّ لها والمعادن منها ومن مات وليس له مولىً فما له من الأنفال وقال نزلت يوم بدر لما انهزم الناس كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم على ثلاث فرق فصنف كانوا عند خيمة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم وصنف أغاروا على النهب وفرقة طلبت العدّو وأسروا وغنموا فلمّا جمعُوا الغنائم والأسارى تكلمت الأنصار في الأسارى فأنزل الله تبارك وتعالى ما كان لنبيّ أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض فلما أباح الله لهم الأسارى والغنائم تكلم سعد بن معاذ وكان ممّن أقام عند خيمة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله ما منعنا أن نطلب العدّو زهادة في الجهاد ولا جبا من العدو ولكنّا خفنا أن يعرى موضعك فيميل عليك خيل المشركين وقد أقام عند الخيمة وجُوه المهاجرين والأنصار ولم يشكّ أحد منهم والناس كثير يا رسول الله والغنائم قليلة ومتى تعطى هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء وخاف أن يقسّم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم الغنائم واسلاب القتلى بين من قاتل ولا يعطى من تخلف على خيمة رسول اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلم شيئاً فاختلفوا فيما بينهم حتّى سألوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فقالوا لمن هذه الغنائم فأنزل الله يسألونكَ عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فرجع الناس وليس لهم في الغنيمة شيء ثم أنزل الله بعد ذلك واعلموا أنّما غنمتم الآية فقسّمه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بينهم فقال سعد بن أبي وقاص يا رسول الله أتعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطي الضعيف فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم ثكلتك أمّك وهل تُنْصَرون الا بضعفائكم قال فلم يخمّس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ببدر وقسّم بين أصحابه ثم استقبل بأخذ الخمُس بعد بدر { فَاتَّقُواْ اللهَ } في الإِختلاف والمشاجرة { وََأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ } الحال التي بينكم بالمواساة والمساعدة فيما رزقكم الله وتسليم أمره إلى الله والرسول { وَأَطِيعُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ } فيه { إن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } فان الإِيمان يقتضي ذلك.