الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ } * { فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَآ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ } * { وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ }

{ (4) وَكَم مِّن قَرْيَةٍ } وكثيراُ من القرى { أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا } فجاء أهلها { بَأسُنَا } عذابنا { بَيَاتاً } بايتين كقوم لوط { أَوْهُمْ قَآئِلُونَ } أوهم قائلين نصف النهار كقوم شعيب يعني أخذهم في غفلة منهم وأمن وفي وقتي دعة واستراحة.

{ (5) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ } ما كانوا يدّعونه من دينهم أو دعائهم واستغاثتهم { إذْ جَآءَهُم بَأْسُنَآ إلآَّ أَنْ قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } الاّ اعترافهم ببطلانه وبظلمهم فيما كانوا عليه وتحسرّهم على ما كان منهم.

{ (6) فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ } يعني الأمم عن قبول الرسالة واجابتهم الرسل { وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ } يعني الأنبياء عن تأدية ما حملوا من الرسالة.

في الإِحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث فيقام الرّسل فيسألون عن تأدية الرسالات التي حملوها الى أممهم فيخبرون أنهم قد أدّوا ذلك إلى أممهم وتسأل الأمم فيجحَدون كما قال الله فلنسئلنّ الذين أرسل إليهم ولنسئلنّ المرسلين.

الحديث وقد مضى تمامه في سورة النساءِ عند تفسير فكيف إذا جئنا من كل أمّة بشهيد.

{ (7) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ } على الرسل والمرسَل اليهم ما كان منهم { بِعِلْمٍ } عالمين بأحوالهم الظاهِرة والباطنة { وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ } عنهم وعن أفعالهم وأحوالهم والغرض من السؤال التوبيخ والتقريرعليهم وازدياد سرور المثابين بالثناءِ عليهم وغمّ المعاقبين باظهار قبايحهم.

{ (8) وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ } أي وزن الأعمال والتّميز بين خفيفها وراجحها.

القمّي قال المجازاة بالأعمال إن خيراً فخيراً وإن شرّاً فشراً قال وهو قوله فمن ثقلت الآية.

{ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } حسناته جمع موزون.

في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام إنما يعني الحسنات توزن الحسنات والسيئات والحسنات ثقل الميزان والسيئات خفة الميزان.

وفي الإِحتجاج عنه عليه السلام هي قلة الحسنات وكثرتها { فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }

الفائزون بالنجاة والثواب.

{ (9) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنْفُسَهُم } بتضييع الفطرة السليمة التي فطرت عليها واقتراف ما عرضها للعذاب { بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ } فيكذبون مكان التصديق، والقمي قال بالأئمة يجحدون.

في الإِحتجاج عن الصادق عليه السلام أنّه سئل أو ليس توزن الأعمال قال: لا لأنّ الأعمال ليس أجساماً وإنّما هي صفة ما عملوا وانّما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الأشياء ولا يعرف ثقلها وخفّتها وانّ الله لا يخفى عليه شيء قيل فما معنى الميزان قال العدل قيل فما معناه في كتابه فمن ثقلت موازينه قال فمن رجح عمله.

أقول: وسرّ ذلك أنّ ميزان كل شيء هو المعيار الذي به يعرف قدر ذلك الشيء فميزان الناس يوم القيامة ما يوزن به قدر كل انسان وقيمته على حسب عقيدته وخلقه وعمله لتجزى كلّ نفسٍ بما كسبت وليس ذلك إلاّ الأنبياء والأوصياء عليهم السلام إذ بهم وباتباع شرايعهم واقتفاء آثارهم وترك ذلك وبالقرب من سيرتهم والبعد عنها يعرف مقدار الناس وقدر حسناتهم وسيئاتهم فميزان كل امة هو نبّي تلك الأمة ووصيّ نبيها والشريعة التي أتى بها فمن ثقلت حسناته وكثرت فُأُولئك هم المفلحون ومن خفّت وقلت فاُولئك الذين خسروا أنفسهم بظلمهم عليها من جهة تكذيبهم للأنبياء والأوصياء أو عدم اتباعهم.

السابقالتالي
2