الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَٱدْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ } * { إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّالِحِينَ } * { وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلاۤ أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ } * { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَٰهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } * { خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } * { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } * { وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ }

{ (194) إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُُونِ اللهِ } أي تعبدونهم وتسمّونهم آلهةً من دونه سبحانه { عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } مملوكون مسخّرون { فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِبُواْ لَكُمْ } في مهماتكم { إنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ } إنّهم آلهة.

{ (195) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ } واستعينوا بهم في عداوتي { ثُمَّ كِيدُونِ } فبالغوا فيما تقدرون عليه من مكروهي أنتم وشركاؤكم { فَلاَ تُنظِرُونِ } فلا تمهلوني فانّي لا ابالي بكم لوثوقي على ولاية الله وحفظه.

{ (196) إنَّ وَلِييَّ } ناصري وحافظي { اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ } القرآن { وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ } ينصرهم ويحفظهم.

{ (197) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيْعُونَ نَصْرَكُمْ وَلآَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ }.

{ (198) وَإِن تَدْعُوهُمْ إلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } يشبهون الناظرين إليك لأنّهم صوّروا بصورة من ينظر إلى من يواجهه.

{ (199) خُذِ الْعَفْوَ } أي خذ ما عفا لك من أفعال الناس وأخلاقهم وما تأتي منهم من غير كلفة وتسهّل ولا تطلب ما يشقّ عليهم ولا تداقّهم واقبل الميسور منهم ونحوه قوله يسّروا ولا تعسّروا من العفو الذي هو ضدّ الجهد.

العياشي عن الصادق عليه السلام أنّ الله أدّب رسوله صلّى الله عليه وآله وسلم بذلك أي خذ منهم ما ظهر وما تيسر قال والعفو الوسط.

وفي الفقيه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لرجل من ثقيف ايّاك أن تضرب مسلماً أو يهوديّاً أو نصرانيّاً في درهم خراج أو تبيع دابة عمل في درهم فانا امرنا أن نأخذ منه العفو { وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ } بالمعروف الجميل من الأفعال والحميد من الأخلاق { وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } ولا تمار السفهاء ولا تكافأهم بمثل سفههم.

في المجمع روي أنّه لما نزلت هذه الآية سأل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم جبرئيل عن ذلك فقال لا أدري حتى اسأل العالم ثم أتاه فقال يا محمد إنّ الله يأمرك أن تعفو عمّن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك.

وفي الجوامع عن الصادق عليه السلام أمر الله نبيّه بمكارم الأخلاق وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها.

وفي العيون عن الرضا عليه السلام أنّ الله أمر نبيّه بمداراة الناس فقال { خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين }.

{ (200) وَإِمَّا يَنزِغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ } ينخسنّك منه نخس في القلب يوسوسك على خلاف ما أمرت به كاعتراء غضب والنّزغ والنّسغ والنخس والغرز بمعنى شبّه وسوسة الناس اغراء لهم على المعاصي وإزعاجاً بغرز السايق ما يسوقه.

في المجمع لما نزلت الآية السابقة قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم كيف يا رب والغضب فنزلت { فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إنَّهُ سَمِيعٌ } يسمع استعاذتك { عَلِيمٌ } بما فيه صلاح أمرك.

السابقالتالي
2