الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلْكِتَابِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُصْلِحِينَ } * { وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } * { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ } * { أَوْ تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلْمُبْطِلُونَ } * { وَكَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

{ (170) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلحِينَ } أما عطف على الذين يتّقون وما بينهما اعتراض واما استيناف ووضع الظاهر موضع المضمر لأنّه في معناه وللتنبيه على أنّ الاصلاح مانع عن الإِضاعة وقرء يمسكون بالتخفيف من الإِمساك.

القمّي عن الباقر عليه السلام نزلت في آل محمد صلوات الله عليهم وأشياعهم.

{ (171) وَإذْ نَتَقْنا الْجَبَلَ } قلعناه ورفعناه وأصله الجذب { فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ } سقيفة وهي كل ما أظلّ { وَظَنُّواْ } وتيقنوا { أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهمْ } ساقط عليهم لأنّ الجبل لا يثبت في الجوّ ولأنّهم كانوا يوعدون به.

قيل إنّما أطلق الظن لأنّه لم يقع متعلقة { خُذُوا مَآ ءَاتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ } بعزم من قلوبكم وأبدانكم.

العياشي عن الصادق عليه السلام أنّه سئل عن هذه الآية أقوّة في الأبدان أم قوّة في القلوب قال فيهما جميعاً { واذْكُرُواْ مَا فِيهِ } من الأوامر والنّواهي { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }.

القمّي عن الصادق عليه السلام لما أنزل الله التوراة على بني إسرائيل لم يقبلوه فرفع الله عليهم جبل طور سيناء فقال لهم موسى إن لم تقبلوا وقع عليكم الجبل فقبلوه وطأطأوا رؤوسهم وقد مضى تفسيره في سورة البقرة بأبسط من هذا.

{ (172) وَإذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } وقرء ذرّياتهم أخرج من أصلابهم نسلهم على ما يتوالدون قرناً بعد قرن يعني نثر حقايقهم بين يدي علمه فاستنطق الحقايق بأسنة قابليّات جواهرها وألسن استعدادات ذواتها { وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَآ } أي ونصب لهم دلائل ربوبيته وركب في عقولهم ما يدعوهم إلى الإِقرار بها حتى صاروا بمنزلة الإِشهاد على طريقة التمثيل نظير ذلك قوله عزّ وجلّ انّما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون وقوله جلّ وعلا فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كَرْهاً قالتا أتينا طائعين ومعلوم أنه لا قول ثمّة وإنما هو تمثيل وتصوير للمعنى وذلك حين كانت أنفسهم في أصلاب آبائهم العقلية ومعادنهم الأصلية يعني شاهدهم وهم دقايق في تلك الحقايق وعبر عن تلك الآباء بالظهور لأنّ كل واحد منهم ظهر أو مظهر لطائفة من النفوس أو ظاهر عنده لكونه صورة عقلية نوريّة ظاهرة بذاتها وأشهدهم على أنفسهم أي أعطاهم في تلك النشأة الإِدراكية العقلية شهود ذواتهم العقلية وهو يأتهم النورية فكانوا بتلك القوى العقلية يسمعون خطاب ألست بربّكم كما يسمعون الخطاب في دار الدنيا بهذه القوى البدنية وقالوا بألسنة تلك العقول بلى أنت ربّنا الذي أعطيتنا وجوداً قدسيّاً ربّانياً سمعنا كلامك وأجبنا خطابك ولا يبعد ايضاً أن يكون ذلك النطق باللسان الملكوتي في عالم المثالي الذي دون عالم العقل فان لكل شيء ملكوتاً في ذلك العالم كما أشار إليه بقوله سبحانه فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء والملكوت باطن الملك وهو كله حياة ولكل ذرة لسان ملكوتي ناطق بالتسبيح والتمجيد والتوحيد والتحميد وبهذا اللسان نطق الحصى في كف النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم وبه تنطق الأرض يوم القيامة يومئذ تحدّث أخبارها وبه تنطق الجوارح انطقنا الله الذي أنطق كل شيء { أن تَقُولُواْ } أي كراهة ان تقولوا وقرء بالياء { يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ } لم ننبّه عليه.

السابقالتالي
2