الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } * { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ } * { وَلَمَّا سُقِطَ فِيۤ أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ }

{ (146) سَأصْرِفُ عَنْ ءَايَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } بالطبع على قلوبهم فلا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها { وَإن يَرَواْ كُلَّ ءَايَةٍ } منزلة أو معجزة { لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا } لاختلاف عقولهم بسبب انهماكهم في التقليد والهوى في الحديث اذا عظّمت امّتي الدنيا نزعت عنها هيبة الإِسلام وإذا تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حرمت بركة الوحي { وَإِن يَرَواْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } وقرىء الرشد بفتحتين { وَإِن يَرَواْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً }.

القمّي قال إذا رأوا الإٍيمان والصدق والوفاء والعمل الصالح لا يتخذوه سبيلاً وان يروا الشرك والزنا والمعاصي يأخذوا بها ويعملوا بها { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } ذلك الصرف بسبب تكذيبهم وعدم تدبرهم للآيات.

{ (147) وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } لا ينتفعون بها { هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } إلاّ جزاء أعمالهم.

{ (148) وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ } من بعد ذهابه للميقات { مِنْ حُلِيِّهِمْ } وقرء بكسر الحاء { عِجْلاً جَسَداً } خالياً من الروح { لَّهُ خُوَارٌ } صوت كصوت البقر قد مضى قصة العجل مبسوطة في سورة البقرة.

العيّاشي عن الباقر عليه السلام أن في ما ناجى موسى ربه أن قال يا رب هذا السامري صنع العجل فالخوار من صنعه قال فأوحى الله إليه يا موسى إنّ تلك فتنتي فلا تفحص عنها.

وعن الصادق عليه السلام قال يا رب ومَنْ أَخَارَ الصَّنَم فقال الله يا موسى أنا أخرتُه فقال موسى إن هي الا فتنتك تضلّ بها من تَشَاء وتهدي من تشاء { أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمِ سَبِيلاً } تقريع على فرط ضلالتهم واخلالهم بالنظر يعني أنه ليس كاحاد البشر فكيف يكون خالقُ القوى والقدر { اتَّخذُوهُ } إلَهاً { وَكَانُواْ ظَالِمِينَ } واضعين الأشياء في غير مواضعها فلم يكن اتخاذ العجل بدعاً مِنهم.

{ (149) وَلَمَّا سُقِطَ في أَيْدِيهِمْ } كناية عن اشتداد ندمهم فان النادم المتحسر يعضّ يده غمّاً فتصير يده مسقوطاً فيها { وَرَأَواْ } وعلموا { أنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ } باتخاذ العجل { قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا } بالتجاوز عن الخطيئة { لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } وقرء بالخطاب والنداء.

{ (150) وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً } شديد الغضب أو حزيناً { قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي } أي قمتم مقامي وكنتم خلفائي من بعدي حيث عبدتم العجل مكان عبادة الله { أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ } يقال عجل من الأمر إذا تركه غير تام وأعجله عنه غيره ويضمّن معنى سبق فيقال عجل الأمر والمعنى اتركتم أمر ربّكم غير تام وهو انتظار موسى حافظين لعهده { وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ } طرحها من شدة الغضب لله وفرط الضجر حميّة للدين رُوي أنه لما ألقاها انكسرت فذهبت بعضها.

السابقالتالي
2