الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { قَالَ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـٰهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } * { وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَىٰ لأَخِيهِ هَارُونَ ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَىٰ صَعِقاً فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ (139) إنَّ هَؤُلآءِ } اشارة الى القوم { مَتَبَّرٌ } مدمّر مكسّرٌ { مَّا هُمْ فِيهِ } إنّ الله يهدم دينهم الذي هم عليه على يدي ويحطم أصنامهم هذه ويجعلها رضاضاً { وَبَاطِلٌ } مضمحل { مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } من عبادتها لا ينتفعون بها وان قصدوا بها التقرب الى الله عزّ وجلّ.

{ (140) قَالَ أَغَيْرَ اللهِ أبغِيكُمْ إِلَهاً } أطلب بكم معبوداً { وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ } والحال أنّه خصّكم بنعم لم يعطها غيركم.

{ (141) وَإذْ أَنْجَيْنَاكُم مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ } واذكروا صنيعه معكم في هذا الوقت وقرء أنجيكم { يَسُومُونَكُمْ سِوَءَ الْعَذَابِ } يبغونكم ويكلفونكم شدة العذاب { يُقَتِّلُونَ أبْنَآءَكُمْ } وقرء بالتخفيف { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذالِكُم بَلآَءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } في الإِنجاء نعمة عظيمة أو في العذاب محنة عظيمة.

{ (142) ووَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً } ذا القعدة وقرء ووعدنا { وَأتـْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ } من ذي الحجة { فَتـَمَّ مِيْقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً } قد سبق تفسيره في سورة البقرة مبسوطاً { وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَرُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي } كن خليفتي فيهم { وََأَصْلِحْ } ما يجب أن يصلح من أمورهم { وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ } ولا تطع من دعاك إلى الإِفساد ولا تسلك طريقه.

{ (143) وَلمَّا جَآءَ مُوسَى لِميقَاتِنَا } لوقتنا الذي وقتناه له وحدّدناه { وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ } من غير واسطة كما يكلم الملائكة { قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ } أرني نفسك واجعلني متمكنّاً من رؤيتك بأن تتجلّى لي فأنظر إليك وأراك { قَالَ لَن تَرَانِي } لن تطيق رؤيتي { وَلَكِنِ انظُرْ إلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ } لما تجليت عليه { فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَل } ظهر له عظمته وتصدى له اقتداره وأمره { جَعَلَهُ دّكّاً } مدكوكاً مفتّتاً والدك والدق متقاربان وقرء دكّاء أي أرضاً مستوية { وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً } مغشياً عليه من هول ما رأى { فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ } تعظيماً لما رأى { سُبْحَانَكَ تُبْتُ إلَيْكَ } من الجرأة والإِقدام على مثل هذا السؤال { وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ } بأنّك لا ترى.

في المجمع عن الصادق عليه السلام أنا أوّل من آمن وصدق بأنّك لا ترى.

وفي العيون عن الرضا عليه السلام أنّه سئل كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى ابن عمران لا يعلم ان الله لا يجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال فقال عليه السلام إن كليم الله علم أنّ الله منزه عن أن يرى بالأبصار ولكنه لما كلّمه الله وقربه نجيّاً رجع إلى قومه فأخبرهم أنّ الله كلّمه وقرّبه وناجاه فقالوا لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعته وكان القوم سبعمأة ألف فاختار منهم سبعين ألفاً ثم اختار منهم سبعة آلاف ثم اختار منهم سبعمأة ثم اختار منهم سبعين رجلاً لميقات ربه فخرج بهم إلى طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل وصعد موسى الى الطور وسأل الله أن يكلمه ويسمعهم كلامه فكلمه الله وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام لأنّ الله أحدثه في الشجرة ثم جعله منبعثاً منها حتى سمعوه من جميع الوجوه فقالوا لن نؤمن بأنّ هذا الذي سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرةً.

السابقالتالي
2 3 4