الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّٰكُم بِٱلَّيلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ } * { ثُمَّ رُدُّوۤاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ أَلاَ لَهُ ٱلْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ ٱلْحَاسِبِينَ } * { قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } * { قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ } * { قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ }

{ (60) وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ } يقبض أرواحكم عن التصرّف بالنّوم كما يقبضها بالموت { وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم } أي ما كسبتم من الأعمال { بِالنَّهَاِرِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ } ثم ينبّهكم من نومكم في النّهار { ليُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى } لتستوفوا آجالكم.

القميّ عن الباقر عليه السّلام في قوله ليقضى أجل مسمًّى قال هو الموت { ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ } بالموت { ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } بالمجازاة.

{ (61) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } المقتدر المستعلي على عباده { وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً } يحفظونكم ويحفظون أعمالكم ويذبّون عنكم مردة الشّياطين وهوامّ الأرض وسائر الآفات ويكتبون ما تفعلون قيل الحكمة في كتابة الأعمال انّ العباد إذا علموا أنّ أعمالهم تكتب عليهم وتعرض على رؤوس الأشهاد كانوا أزجر من القبائح وانّ العبد إذا وثق بلطف سيّده واعتمد على عطفه وستره لم يحتشم منه احتشامه من خدمة المتطلّعين عليه ويأتي ما يقرب منه عن الصادق عليه السّلام في سورة الإِنفطار إنشاء الله { حَتَّى إذَا جَآءَ أحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا } ملك الموت واعوانه كما سبق بيانه في سورة النّساءِ وقرء توفّاه بألف ممالة { وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ } لا يقصرّون بالتّواني والتأخير.

{ (62) ثُمَّ رُدُّواْ إلَى اللهِ } إلى حكمه وجزائه { مَوْلاهُمُ } الذي يتولى أمرهم { الْحَقِّ } العدل الذي لا يحكم إلا بالحق { أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ } يومئِذ لا حكم لغيره { وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ } يحاسب الخلائق في مقدار لمح البصر كما مرّ في سورة البقرة.

وفي الإِعتقادات أنّ الله تعالى يخاطب عباده من الأَولين والآخرين يوم القيامة بمجمل حساب عَمَلهم مخاطبة واحدة يسمع منها كل واحد قضيته دون غيره ويظنّ أنّه المخاطب دون غيره لا يشغله عزّ وجلّ مخاطبة عن مخاطبة ويفرغ من حساب الأولين والآخرين في مقدار نصف ساعة من ساعات الدّنيا.

{ (63) قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } من شدائد لها استعيرت الظلمة للشدة لمشاركتهما في الهول وابطال الإِبصار فقيل لليوم الشديد يوم مظلم { تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً } متضرعين بألسنتكم { وَخُفْيَةً } ومسرين في أنفسكم { لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ } على ارادة القول أي قائلين لئن انجيتنا من هذه الظلمة والشدة { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ }.

{ (64) قُلِ اللهُ يُنَجّيكُم مِّنْهَا } وقرئ بالتّخفيف { وَمِن كُلِّ كَرْبٍ } غمٍ سواها { ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ } تعودون إلى الشرك ولا توفون بالعهد بعد قيام الحجّة عليكم.

{ (65) قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ } يرسل { عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّنْ فَوْقِكُمْ } كما أمطر على قوم لوط وعلى أصحاب الفيل الحجارة { أََوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } كما أغرق فرعون وخسف بقارون { أَوْ يَلْبِسَكُمْ } يخلطكم { شِيَعاً } فرقاً مختلفي الأهواء كلّ فرقة منكم مشايعة الإِمام ومعنى خلطهم أن يختلطوا أو يشتبكوا في ملاحم القتال { وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ } يقتل بعضكم بعضاً { انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الأَيَاتِ } بالوعد والوعيد { لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ }

العياشي والقميّ عن الباقر عليه السلام عذاباً من فوقكم هو الدّخان والصّيحَة أو من تحت أرجلكم هو الخسف أو يلبسكم شيعاً هو الإِختلاف في الدين وطعن بعضكم على بعض ويذيق بعضكم بأس بعض هو ان يقتل بعضكم بعضاً وكلّ هذا في أهل القبلة يقول الله أُنظر كيف نصرّف الآيات لعلّهم يفقهونَ، وفي المجمع عن الصّادق عليه السّلام من فوقكم من السّلاطين الظّلمة ومن تحت أرجلكم العبيد السّوء ومن لا خير فيه أو يلبسكم شيعاً يضرب بعضكم ببعض بما يلقيه بينكم من العداوة والعَصَبية ويُذيق بعضكم بأس بعض هو سوء الجوار.

السابقالتالي
2