الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } * { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ }

{ (32) وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيَآ إلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ } وما أعمالها إلا لعب ولهو يلهي الناس ويشغلهم عما يعقب منفعة دائمة ولذة حقيقية وهي جواب قولهم ان هي إلا حياتنا الدنيا { وَلَلدَّارُ الأَخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ } لدوامها وخلود لذاتها ومنافعها وقرئ ولدار الآخرة { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أيّ الأمرين خير وقرئ على الخطاب.

{ (33) قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ } في الحقيقة { وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ } ولكنهم يجحدون آيات الله ويكذّبونه والباء لتضمّن الجحود معنى التكذيب وقرأ بالتخفيف من اكذبه إذا وجده كاذباً أو نسبه إلى الكذب.

في الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام قرئ رجل على أمير المؤمنين عليه السلام فانّهم لا يكذّبونك فقال لي والله لقد كذّبوه أشدّ التّكذيب ولكنّها مخففة لا يكذبونك ولا يأتون بباطل يكذبون به حقّك.

ونسبه القميّ الى الصادق عليه السلام أنّه قال لا يأتون بحقّ يبطلون حقّك ويؤيّد هذا ثبوت التّكذيب والعياشي عنه عليه السلام أي لا يستطيعون ابطال قولك.

وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه كان يقرأ لا يكذّبونك ويقول انّ المراد بها أنّهم لا يأتون بحقّ أحقّ من حقّك.

وفيه عن أكثر المفسّرين لا يكذّبونك بقلوبهم اعتقاداً قال ويشهد لها ما روي " أن رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم لقي أبا جهل فصافحه فقيل له في ذلك فقال والله إنّي لأعلم أنه صادق ولكنّا متى كنّا تبعاً لعبد مناف فأنزل الله تعالى الآية ".

{ (34) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّنْ قَبْلِكَ } تسلية لرسُول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم { فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوُذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا } في الكافي عن الصادق عليه السلام أنّ من صَبَرَ صَبَر قليلاً وانّ من جزع جزع قليلاً ثمّ قال وعليك بالصّبر في جميع أمورك فانّ الله عزّ وجلّ بعث محمّداً صلىّ الله عليه وآله وسلم وأمره بالصّبر والرّفق قال فصبر حتّى نالوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله عزّ وجلّوَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ } [الحجر: 97] يضيق صدرك بما يقولون فسبّح بحمد ربّك وكن من السّاجدين ثم كذّبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله قد نعلم أنّه ليحزُنْك الذي يقولون فانّهم لا يكذّبونك ولكن الظّالمين بآيات اللّهِ يجحدون ولقد كذّبت رسلٌ من قبلك فَصَبَرُوا على ما كذّبوا وأوذوا حتّى أتهم نصرنا فالزم النّبي صلىّ الله عليه وآله وسلم نفسه الصبّر الحديث.

والقميّ عنه عليه السلام ما يقرب منه { وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ } قيل أي لمواعيده من قولهوَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } [الصافات: 171-172] { وَلَقَدْ جَآءَكَ مِنْ نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ } من قصصهم وما كابدوا من قومهم.

{ (35) وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ } عظم وشقّ { إعْرَاضُهُمْ } عنك وعن الإِيمان بما جئت به.

السابقالتالي
2