الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }

{ (161) قُلْ إنِّنِي هَدَانِى رَبِّي إلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } بالوحي والإِرشاد { دِيناً } هداني ديناً { قَيَماً } فَيُعِل من قام كالسيد والهَينّ وقرئ قيماً بكسر القاف خفيفة الياءِ على المصدر { مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفاً } هداني وعرّفني ملّة ابراهيم في حال حنيفيته { وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } العياشي، عن الباقر عليه السلام ما أبقت الحنيفية شيئاً حتى أنّ منها قص الأظفار والأخذ من الشراب والختان.

وعنه عليه السلام ما من أحد من هذه الامة يدين بدين ابراهيم غيرنا وغير شيعتنا وعن السجاد عليه السلام ما أحد على ملّة ابراهيم عليه السلام إلاّ نحن وشيعتنا وسائر الناس منها بَرَآء.

{ (162) قُلْ إنَّ صَلاتِى وَنُسُكِى } عبادتي وقرباني { وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي } وما أنا عليه في حياتي وأموت عليه من الإِيمان والطاعة { لِلّهِ رِبِّ الْعَالَمِينَ } خالصة له.

{ (163) لاَ شَرِيكَ لَهُ } لا أشرك فيها غيره { وَبِذلِكَ } أي الإِخلاص لِلّهِ { أُمِرْتُ وَأَنَّا أوَّلَُ الْمُسْلِمِينَ } قيل لأنّ اسلام كل نبيّ متقدم على اسلام أمته.

أقول: بل لأنّه أول من أجاب في الميثاق في عالم الذر كما ورد عنهم عليهم السلام فاسلامه متقدم على اسلام الخلايق كلهم.

العياشي " عن النبي صلىّ الله عليه وآله وسلم في حديث قد ذكر فيه إبراهيم عليه السلام فقال دينه ديني وديني دينه وسنّته سنّتي وسنَّتي سنّته وفضلي فضله وأنا أفضل منه ".

{ (164) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا } فاشركه في عبادتي وهو جواب عن دعائهم إلى عبادة آلهتهم { وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ } والحال أنّ كل ما سواه مربوب مثلي لا يصلح للربوبية { وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ } جزاء عمل من طاعة أو معصية { إلاَّ عَلَيْهَا } فعليها عقاب معصيتها ولها ثواب طاعتها { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } لا تحمل نفس اثم نفس أخرى جواب عن قولهم اتّبعوا سُبلنا ولنحمل خطاياكم.

في العيون عن الرضا عليه السلام أنّه سئل ما تقول في حديث يروى عن الصادق عليه السلام أنّه اذا خرج القائم عليه السلام قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائهم فقال عليه السلام هو كذلك فقيل قول الله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى ما معناه قال صدق الله في جميع أقواله ولكن ذراري قتلة الحسين عليه السلام يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها ومن رضي شيئاً كان كمن أتاه ولو أنّ رجلاً قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند الله شريك القاتل وانّما يقتلهم القائم عليه السلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم.

وفيه فيما كتبه عليه السلام للمأمون من محض الإِسلام وشرائع الدين ولا يأخذ الله البريء بالسقيم ولا يعذب الله الأطفال بذنوب الآباء ولا تزرُ وازرة أُخرى { ثمَّ إلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ } يوم القيامة { فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } بتبيين الرشد من الغيّ وتميز المحق من المبِطل.