الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَٰمِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَـٰذَا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـٰذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } * { وَكَذٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَٰدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } * { وَقَالُواْ هَـٰذِهِ أَنْعَٰمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَآ إِلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَٰمٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَٰمٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا ٱفْتِرَآءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَٰجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ } * { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُوۤاْ أَوْلَٰدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ ٱفْتِرَآءً عَلَى ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ مَّعْرُوشَٰتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَٰتٍ وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ }

{ (136) وَجَعَلُوا لِلّهِ } يعني مشركي العرب { مِمَّا ذَرَأَ } مما خلق الله { مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ } من غير أن يؤمروا به { وَهَذَا لِشُرَكَآئِنَا } أصنامهم التي اشركوها في أموالهم وقرىء بضمّ الزّاي وكذا فيما يأتي { فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } حكمهم هذا، روي أنهم كانوا يعيّنون شيئاً من حرث ونتاج لله ويصرفونه الى الضيفان والمساكين وشيئاً منهما لآلهتم وينفقون على سَدَنتها ويذبحون عندها ثم ان رأوا ما عيّنوا لله أزكى بدّلوه بما لآلهتهم وان رأوا ما لآلهتهم أزكى تركوه لها حبّاً لآلهتهم واعتلّوا لذلك بأنّ الله غنّي.

وفي المجمع عن أئمّتنا عليهم السلام كان إذا اختلط ما جعل للأصنام بما جعل لله ردّوه وإذا اختلط ما جعل لله بما جعلوه للأصنام تركوه وقالوا الله غنيّ وإذا انخرق الماء من الذي لله في الذي للأصنام لم يسدّوه وإذا انخرق من الذي للأصنام في الذي لله سدّوه وقالوا إنّ الله غنّي قيل وفي قوله ممّا ذرأ تنبيه على فرط جهالتهم فانّهم اشركوا الخالق في خلقه جماداً لا يقدر على شيء ثمّ رجّحوه عليه بأن جعلوا الزّاكي له.

{ (137) وَكَذلِكَ } ومثل ذلك التّزيين { زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشِرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ } بالوأد خيفة العيلة أو العار أو بالنحر لآلِهتهم { شُرَكَآؤُهُمْ } من الشياطين أو السدنة { لِيُرْدُوهُمْ } ليهلكوهم بالإِغواء { وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ } وليخلطوا عليهم ما كانوا عليه { وَلَوْ شَآءَ اللهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفَتَرُونَ }.

{ (138) وَقَالُواْ هَذِهِ } اشارة إلى ما جعل لآلهتهم { أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ } حرام { لاَّ يَطْعَمُهَآ إلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ } من غير حجة.

القمي قال كانوا يحرمونها على قوم { وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ } حرام { ظُهُورُهَا } قال يعني البحيرة والسائبة والوصيلة والحام { وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا } في الذبح والنحر وقيل لا يحجّون عليها ولا يلبّون على ظهورها والمعنى أنهم قسّموا أنعامهم فقالوا هذه أنعام حجر وهذا انعام محرمة الظهور وهذه أنعام لا يذكر عليها اسم الله فجعلوها أجناساً بدعواهم الباطلة ونسبوا ذلك التقسيم إلى الله { افتِرَآءً عَلَيْهِ } أي فعلوا ذلك كله على جهة الافتراءِ { سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }.

{ (139) وَقَالُواْ مَا فِى بُطُونِ هذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ }.

القمي كانوا يحرمون الجنين الذي يخرجونه من بطون الأنعام على النساءِ فاذا كان ميّتاً يأكله الرجال والنساء قيل وأنّث خالصة لأنّ ما في معنى الأجنّة والتّاء فيه للمبالغة كما في رواية الشعر أو هو مصدر كالعافية وقرىء تكن بالتاءِ وميتة بالنصب بوجوه أُخر { سَيَجْزِيِهِمْ وَصْفَهُمْ } أي جزاء وصفهم الكذب على الله في التحريم والتحليل من قوله

السابقالتالي
2 3