الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ } * { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } * { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } * { فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ } * { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ }

{ (113) وَلِتَصْغى إلَيْهِ } تميل { أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالأَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ } لأنفسهم { وَلِيَقْتَرِفُوا } وليكتسبُوا { مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ } من الآثام.

{ (114) أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِى حَكَماً } يعني قل لهم أفغير الله أطلب من يحكم بيني وبينكم ويفصل المحق منا من المبطل { وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ } القرآن { مُفَصَّلاً } مبيناً فيه الحقّ والباطل بحيث ينفي التخليط والالتباس { وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ } التورات والإِنجيل { يَعْلَمُون أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ } لتصديق ما عندهم إيّاه ولتصديقه وما عندهم مع أنّه صلّى الله عليه وآله وسلم لم يمارس كتبهم ولم يخالط علماءهم { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرينَ } في أنهم يعلمون ذلك أو في انه منزّل بجحود أكثرهم فيكون من باب التهييج كقوله ولا تكوننّ من المشركين من قبيل إيّاك أعني واسمعي يا جارة.

{ (115) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ } ما تكلّم به من الحجة وقرأت كلمات ربّك يعني بلغت الغاية اخباره وأحكامه ومواعيده { صِدْقاً } في الأخبار والمواعيد { وَعَدْلاً } في الأقضية والأحكام { لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } لا أحد يبدل شيئاً منها بما هو أصدق وأعدل { وَهُوَ السَّمِيعُ } بما يقولون { الْعَلِيمُ } بما يضمرون.

في الكافي عن الصادق عليه السلام أن الإِمام يسمع في بطن أمّه فاذا ولد خطّ بين كتفيه وفي رواية بين عينيه وفي أخرى على عضده الأيمن { وتمت كلمة ربّك صدقاً وعدلاً } الآية فاذا صار الأمر إليه جعل الله له عموداً من نور يبصر به ما يعمل أهل كلّ بلدة.

وفي رواية فبهذا يحتج الله على خلقه.

والقميّ والعياشي ما يقرب منه.

{ (116) وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ } لأنّ الأكثر في الغالب يتبعون الأهواء { إن يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ } وهو ظنهم أنّ آباءهم كانوا محقين وهم يقلدونهم أو جهالاتهم وآراؤهم الفاسدة { وإنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } يقولون عن تخمين.

{ (117) إنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ } أي بمن يضل أو استفهام { وَهُوَ أَعْلَمُ بِاْلمُهْتَدِينَ } أي أعلم بالفريقين.

{ (118) فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ } مسبب عن انكار اتباع المضلين الذين يحرمون الحلال ويحلون الحرام وذلك انهم قالوا للمسلمين أتأكلون ممّا قتلتم أنتم ولا تأكلون ممّا قتل ربّكم فقيل كلوا ممّا ذكر اسم الله على ذبحه خاصة دون ما يذكر عليه اسم غيره أو مات حتف أنفه { إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ } فان الإِيمان بها يقتضي استباحة ما أحلّه الله واجتناب ما حرّمه.

{ (119) وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عََلَيْهِ } وأي غرض لكم بأن تتحرّجوا عن أكله وما يمنعكم منه { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ } مّما لم يحرّم بقوله حرّمت عليكم الميتة وقرئ فُصّل على البناءِ للمفعول وحرّم على البناءِ للفاعل { إلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ } مّما حرّم عليكم فانّه أيضاً حلال حال الضّرورة { وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ } بتحليل الحرام وتحريم الحلال وقرئ بضمّ الياءِ { بَأهْوَآئِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هَوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ } المتجاوزين الحق الى الباطل والحلال إلى الحرام.