الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى ٱلْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } * { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { ٱتَّخَذْوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ } * { ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ } * { إِنَّ الَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلأَذَلِّينَ } * { كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } * { لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

{ (14) أَلَم تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَوّا } والوا { قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } يعني اليهود { ما هُمْ مِنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ } لأنّهم منافقون مذبذبون بين ذلك { وَيَحلِفُونَ عَلَى الكّذِبِ وَهُم يَعلَمُونَ } انّ المحلوف عليه كذب كمن يحلف بالغموس.

{ (15) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.

{ (16) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُم جُنَّةً } وقاية دون دمائهم وأموالهم { فَصَدُّوا عَن سَبيلِ اللَّهِ } فصدّوا النّاس في خلال امنهم عَن دين الله بالتحريش والتّثبيط { فَلَهُمْ عَذابٌ مُهينٌ }.

{ (17) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيئاً أُوْلئكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } وقد سبق مثله.

{ (18) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ } اى لله تعالى { كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ } في الدّنيا { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ } اذ تمكنّ النّفاق في نفوسهم بحيث يخيّل اليهم في الاخرة انّ الايمان الكاذبة تروّج الكذب على الله كما تروّجه عليكم في الدّنيا { أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ } البالغون الغاية في الكذب حيث يكذبون مع عالم الغيب والشّهادة ويحلفون عليه.

{ (19) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهُمْ الشَّيْطَانُ } استولى عليهم { فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ } لا يذكرونه بقلوبهم ولا بالسنتهم { أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشِّيطَانِ } جنوده واتباعه { أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشْيّطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ } لانّهم فوتوا على انفسهم النّعيم المؤبد وعرضوها للعذاب المخلّد.

القمّى قال نزلت في الثّاني لانّه مرّ به رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو جالس عند رجل من اليهود يكتب خبر رسول الله صلّى الله عليه وآله فانزل اللّه تعالى { أَلَم تَر إِلَى الّذِينَ تَوَلَوّا } الآية فجاء الثاني إلى النبيّ صلى الله عليه وآله فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله رايتك تكتب عن اليهود وقد نهى الله عزّ وجلّ عن ذلك فقال يا رسول الله كتبت عنه ما في التورية من صفتك واقبل يقرء ذلك على رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو صلّى الله عليه وآله غضبان فقال له رجل من الانصار ويلك أما ترى غضب النبي صلّى الله عليه وآله عليك فقال اعوذ باللّه من غضب الله وغضب رسوله انّي انّما كتبت ذلك لمّا وجدت فيه من خيرك فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله يا فلان لو انّ موسى بن عمران فيهم قائما ثم اتيته رغبة عمّا جئت به لكنت كافرا بما جئت به وهو قوله { اتَّخَذَوا أَيمانَهُمْ جُنَّةً } اى حجاباً بينهم وبين الكفّار وايمانهم اقرارا باللسّان خوفا من السّيف ورفع الجزية وقوله يوم يبعثهم الله جميعاً { فَيحلفون لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ }. قال اذا كان يوم القيمة جمع الله الذين غصبوا آل محمّد حقّهم فيعرض عليهم اعمالهم فيحلفون له انّهم لم يعلموا منها شيئا كما حلفوا لرسول الله صلّى الله عليه وآله في الدنيا حين حلفوا ان لا يردّوا الولاية في بني هاشم وحين همّوا بقتل رسول الله صلّى الله عليه وآله في العقبة فلمّا اطلع الله نبيّه صلّى الله عليه وآله واخبره حلفوا انّهم لم يقولوا ذلك ولم يهمّوا به حين انزل الله على رسوله يحلفون باللّه مَا قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وهمّوا بما لم ينالوا وما نقموا الاّ أن اغناهم الله ورسوله من فضله فان يتوبوا يك خيراً لهم قال اذا عرض الله عزّ وجلّ ذلك عليهم في القيمة ينكروه ويحلفوا له كما حلفوا لرسول الله صلّى الله عليه وآله وهو قوله يوم يبعثهم الله جميعاً الآية وقد سبق فيه حديث اخر في سورة يس وحم السّجدة.

السابقالتالي
2