الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَٱحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ (92) وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ واحْذَرُواْ } عمّا نهيا عنه أو عن مخالفتهما { فإنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ } في الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية أما والله ما هلك من كان قبلكم وما هلك من هلك حتى يقوم قائمنا إلا في ترك ولايتنا وجحود حقنا وما خرج رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم من الدنيا حتى الزم رقاب هذه الأمّة حقنا والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

{ (93) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ } من المستلذات أكلاً كان أو شرباً فان الطعم يعمّهما.

في المجمع في تفسير اهل البيت عليهم السلام فيما طعموا من الحلال { إذَا مَا اتَّقَوْا وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَوا وَّأحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } " القمي لما نزل تحريم الخمر والميسر والتشديد في أمرهما قال الناس من المهاجرين والأنصار يا رسول الله قتل أصحابنا وهم يشربون الخمر وقد سمّاه الله تعالى رجساً وجعلها من عمل الشيطان وقد قلت ما قلت أفيضرّ أصحابنا ذلك شيئاً بعدما ماتوا فأنزل الله هذه الآية " فهذا لمن مات أوقتل قبل تحريم الخمر والجناح هو الاثم وهو على من شربها بعد التحريم وقيل فيما طعموا أي ممّا لم يحرم عليهم إذا ما اتّقوا أي المحرم وآمنوا وعملوا الصالحات أي ثبتوا على الإِيمان والأعمال الصالحات ثم اتّقوا أي ما حرم عليهم بعد كالخمر وآمنوا بتحريمه ثم اتّقوا أي استمرّوا وثبتوا على اتّقاءِ المعاصي وأحسنوا أي وتحرّوا الأعمال الجميلة واشتغلوا بها.

أقول: لما كان لكل من الإِيمان والتقوى ودرجات ومنازل كما ورد عنهم عليهم السلام لم يبعد أن يكون تكريرهما في الآية إشارة إلى تلك الدرجات والمنازل ففي الكافي عن الصادق عليه السلام للإيمان حالات ودجات وطبقات ومنازل فمنه التام المنتهي تمامه ومنه الناقص البينّ نقصانه ومنه الراجح الزائد رجحانه.

وعن الباقر عليه السلام أن المؤمنين على منازل منهم على واحدة ومنهم على اثنتين ومنهم على ثلاث ومنهم على أربع ومنهم على خمس ومنهم على ست ومنهم على سبع فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحد ثنتين لم يقو وعلى صاحب الثنتين ثلاثاً لم يقو وساق الحديث ثم قال وعلى هذه الدرجات.

وفي مصباح الشريعة عنه عليه السلام التقوى على ثلاثة أوجه تقوى في الله وهي ترك الحلال فضلاً عن الشبهة وهي تقوى خاصّ الخاصّ وتقوى من الله وهي ترك الشبهات فضلاً عن الحرام وهي تقوى الخاص وتقوى من خوف النار والعقاب وهي ترك الحرام وهي تقوى العام وَمَثَل التقوى كماء يجري في نهر ومَثَل هذه الطبقات الثلاث في معنى التقوى كأشجار مغروسة على حافة ذلك النهر كل لون وجنس وكل شجرة منها يستمصّ الماء من ذلك النهر على قدر جوهره وطبعه ولطافته وكثافته ثم منافع الخلق من تلك الأشجار والثمار على قدرها وقيمتها قال الله تعالى صنوان وغير صنوانٍ يسقى بِماءٍ واحد ونفضّل بعضها على بعض في الأكل فالتقوى للطاعات كالماءِ للأشجار ومَثَل طبائع الأشجار في لونها وطعمها مثل مقادير الإيمان فمن كان أعلى درجة في الإِيمان وأصفى جوهراً بالرّوح كان أتقى ومن كان أتقى كانت عبادته أخلص وأطهر ومن كان كذلك كان من الله أقرب وكل عبادة غير مؤسّسَة على التقوى فهي هباء منثور وقال الله تعالى

السابقالتالي
2 3