الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّاغُوتَ أُوْلَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ } * { وَإِذَا جَآءُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَقَدْ دَّخَلُواْ بِٱلْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ } * { وَتَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ ٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ ٱلإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } * { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ }

{ (60) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بشَرٍّ مِّنْ ذلِكَ } المنقوم يعني ان كان ذلك شرّاً عندكم فأنا اُخبركم بشرّ منه { مَثُوبَةً } جزاءً ثابتاً { عِندَ اللَّهِ } والمثوبة مختصّة بالخير كالعقوبة بالشّر وضعت هاهنا موضعها على طريقة قوله سبحانه { فبشّرهم بعذاب أليم مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ } ابعد من رحمته { وَغَضِبَ عَلَيْهِ } وسخط عليه بكفره وانهماكه في المعاصي بعد وضوح الآيات { وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ } مسخهم { وعَبَدَ الطَّاغُوتَ } وقرء بضم الباء وجرّ التّاء ومن عبد الطّاغوت وهو الشّيطان وكلّ من عبد من دون الله قيل من جعل القردة هم اصحاب السّبت والخنازير كفّار اهل مائدة عيسى على نبيّنا وعليه السّلام وقيل انّهما معاً اصحاب السّبت مسخ شبّانهم قردة وشيوخهم خنازير ومن عبد الطاغوت اصحاب العجل ويأتي ما ورد في ذلك في هذه السّورة { أُولئِكَ } الملعونون { شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوآءِ السَّبيلِ } عن قصد الطّريق المتوسّط بين غلوّ النّصارى وغلوّ اليهود والمراد بصيغتي التّفضيل الزّيادة مطلقا لا بالإِضافة الى المؤمنين.

{ (61) وَإِذَا جَآءُوكُمْ قَالُواْ ءَامَنَّا } القمّي نزلت في عبد الله بن اُبّى { وَقَد دَّخَلُواْ بالْكُفْرِ وَهُمْ قََدْ خَرَجُواْ بِهِ } يخرجون من عندك كما دخلوا لا يؤثر فيهم ما سمعوا منك { وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ } من الكفر فيه وعيد لهم.

{ (62) وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثمِ } المعصية { وَالْعُدْوانِ } تعدّي حدود الله { وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ } الحرام كالرشوة { لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.

{ (63) لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ } علماؤهم { عَن قوْلِهِمُ الإِثْمَ } كالكذب وكلمة الشّرك مثل عزير بن الله { وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ } قيل لولا إِذا دخل على الماضي افاد التّوبيخ واذا دخل على المستقبل افاد التّخْصيص { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } ذمّهم بأبلغ من ذمّ مرتكبي الكباير لأنّ كل عامل لا يسمّي صانعاً حتّى يتمكّن من علمه ويتمهّر والوجه فيه انّ ترك الحسنة اقبح من مواقعة المعصية لأنّ النفس تلتذّ بالمعصية وتميل اليها ولا كذلك ترك الإِنكار عليها عن ابن عباّس هي اشدّ آية في القرآن.

وفي الكافي عن امير المؤمنين صلوات الله عليه في خطبة له انّما هلك من كان قبلكم حيثما عملوا من المعاصي ولم ينههم الربّانيّون والأحبار عن ذلك وأنهم لمّا تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربّانيون والأحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات فأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر الحديث.

وفي كلام آخر له في حديث رواه ابن شعبة في تحف العقول قال اعتبروا ايّها النّاس بما وعظ الله به اولياءه من سوء ثنائه على الأحبار يقول لولا ينهاهم الربّانيّون والأحبار عن قولهم الإِثم وقال لعن الّذين كَفَرُوا من بني اسرائيل الى قوله لبئس ما كانوا يفعلون وقد مضى اخبار اُخر في ذلك سورة آل عمران عند قوله تعالى

السابقالتالي
2