الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَٱحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

{ (39) فَمَنْ تَابَ } من السراق { مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ } بعد سرقته { وَأَصْلَحَ } أمره برد المال والتفضي عن التبعات { فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } يقبل توبته فلا يقطع ولا يعذب في الآخرة الاّ اذا كانت توبته بعد أن يقع في يد الإِمام فلا يسقط القطع حينئذ وان عفا عنه صاحبه.

ففي الكافي عن أحدهما عليهما السلام في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنا فلم يعلم ذلك منه ولم يؤخذ حتى تاب وصلح فقال إذا صلح فعرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحدّ.

وعن الصّادق عليه السلام من أخذ سارقاً فعفا عنه فذاك له فاذا رفع الى الإمام قطعه فإن قال الذي سرق منه أنا أهب له لم يدعه الإمام حتى يقطعه إذا رفع الى الإِمام وإنّما الهبة قبل أن يرفع الى الإِمام وذلك قول الله والحافظون لحدود الله فاذا انتهى الحدّ إلى الإِمام فليس لأحد أن يتركه.

" وعنه عليه السلام أنّه سئل عن الرّجل يأخذ الّلص يرفعه أو يتركه فقال إنّ صفوان بن أميّة كان مضطجعاً في المسجد الحرام فوضع رداءه قد سرق حين رجع اليه فقال من ذهب بردائي فذهب يطلبه فأخذ صاحبه فرفعه الى النّبي صلىّ الله عليه وآله وسلم فقال اقطعوا يده فقال صفوان تقطع يده من أجل ردائي يا رسول الله قال نعم قال فانيّ أهبه له فقال رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم فهلاَ كان هذا قبل أن ترفعه إليّ قيل فالإِمام بمنزلته إذا رفع إليه قال نعم ".

{ (40) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَات وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَآءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.

{ (41) يَآ أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِى الكُفْرِ } في اظهاره إذا وجدوا منه فرصة { مِنْ الَّذِينَ قَالُوا ءَامَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ } يعني المافقين { وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ } قائلون له أو سمَّاعون كلامك ليكذبوا عليك { سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأَتُوكَ } أي لجمع آخر من اليهود لم يحضروا مجلسك وتجافوا عنك تكبراً وافراطاً في البغضاءِ يعني مصغون لهم قائلون كلامهم أو سمّاعون منك لأجلهم وللإنهاءِ إليهم { يحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ } يميلونه عن مواضعه التي وضعه الله فيها بتغييره وحمله على غير المراد واجرائه في غير مورده أو اهماله { يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ } ان أوتيتم هذا المحرف فاقبلوه واعملوا به { وَإِنْ لَّمْ تُؤتَوهُ } بل أفتاكم محمّد صلىّ الله عليه وآله وسلم بخلافه { فَاحْذَرُوا } قبول ما افتاكم به قيل كان سبب نزول هذه الآية ما مر في تفسير قد جاءكم رسولنا يبيّن لكم كثيراً ممِا كنتم تخفون من هذه السورة من قصة ابن صوريا ومحاكمته بين نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم واليهود.

السابقالتالي
2