الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } * { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَلاَ ٱلْهَدْيَ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ وَلاۤ آمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ وَٱلْمُنْخَنِقَةُ وَٱلْمَوْقُوذَةُ وَٱلْمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِٱلأَزْلاَمِ ذٰلِكُمْ فِسْقٌ ٱلْيَوْمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ (1) يا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ }.

القمّي عن الصادق عليه السلام أي بالعهود.

أقول: الإيفاء والوفاء بمعنى والعقد العهد الموثق ويشمل هيهنا كلّ ما عقد الله على عباده والزَمَهُ إيَّاهم من الإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله وأوصياءِ رسله وتحليل حلاله وتحريم حرامه والاتيان بفرائضه وسنّته ورعاية حدوده وأوامره ونواهيه وكلّ ما يعقده المؤمنون على أنفسهم للَّهِ وفيما بينهم من عقود الأمانات والمعاملات الغير المحظورة.

والقميّ عن الجواد عليه السلام " أنّ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم عقد عليهم لعليّ بالخلافة في عشر مواطن ثُمَّ أنْزَلَ اللُّه { يَآ أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بالعُقُود } التي عقدت عليكم لأمير المؤمنين عليه السلام " { أُحِلَّتْ لَكُمْ بهَيمَةُ الأَنْعَامِ } قيل إضافة بيان أريد بها الأزواج الثمانية والمستفاد من ظاهر الاخبار أن بيان حل الأنعام في آيات أُخر.

والمراد هنا بيان حلّ الأجنّة التي في بطونها.

ففي الكافي والتهذيب والفقيه والعياشي عن أحدهما في تفسيرها الجنين في بطن أمّه إذا أشعر وأوبر فذكاته ذكاة أمّه.

وزاد في الكافي والقميّ فذلِك الذي عنى الله عزّ وجلّ به.

وفي رواية وإن لم يكن تامّاً فلا تأكله والعياشي عن الباقر عليه السلام هي الأجنّة التي في بطون الأنعام وقد كان أمير المؤمنين عليه السلام يأمر ببيع الأجنّة.

أقول: لعل هذا يكون أحد معانيها.

ويحتمل أن يكون المراد بهذه الأخبار بيان الفرد الأخفى أو يكون تحديد الأوّل تسميتها بالبهيمة وحلّها فلا ينافي التعميم مع أنه نصّ في حلّ الأم.

والعياشي عنه عليه السلام أنّ عليّاً عليه السلام سئل عن أكل لحم الفيل والدّب والقرد فقال ليس هذا من بهيمة الأنعام الّتي تؤكل { إلاَّ مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ } تحريمه { غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حَرُمٌ } قيل يعني أحلّت لكم في حال امتِنَاعكُمْ مِنَ الصًَّيْدِ وأَنْتُمْ مُحرمُون لئلاَّ يتحرج عليكم.

أقول: وهو لا ينافي عموم حلها سائر الأحوال { إِنَّ اللَّه يحْكُمُ ما يُريدُ } من تحليل وتحريم.

{ (2)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحِّلُوا شَعَآئِرَ اللَّهِ } لا تتهاونوا بحرمات الله جمع شعيرة وهي ما جعله الله شعار الدين وعلامته من أعمال الحج وغيرها { وَلاَ الشَّهْرَ الحَرَامَ } بالقتال فيه.

في المجمع عن الباقر عليه السلام نزلت في رجل من بني ربيعة يقال له الحطم.

أقول: يعني حين قدم حاجّاً وأراد المسلمون قتله في أشهر الحرم لكفره وبغيه وكان قد استاق سرح المدينة قيل هي منسوخة بقوله اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.

وفي المجمع عنه عليه السّلام لم ينسخ من هذه السورة شيء ولا من هذه الآية لأنّه لا يجوز أن يبتدئ المشركون في الأشهر الحرم بالقتال إلا إذا قاتلوا { وَلاَ الْهَدْيَ } ما أهدى إلى الكعبة { وَلاَ الْقَلآَئِدَ } ما قلّد به الهدي من نعل قد صلى فيه أو غيره ليعلم به أنه هدي فلا يتعرض له { وَلآَ آمِّينَ البَيْتَ الحَرَامَ } قاصدين لزيارته { يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنْ رَّبِّهِم وَرِضْوَاناً } أن يثيبهم من فضله ويرضى عنهم أو يرزقهم بالتجارة ويرضى عنهم بنسكهم بزعمهم والمقصود النهي عن التعرّض لهؤلاء وقرئ رضواناً بضمّ الراء { وإِذَا حَلَلْتُمْ } من احرامكم { فَاصْطَادُوا } ان شئتم { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ } ولا يحملنكم ولا يكسبنكم { شَنآنُ قَوْمٍ } شدة بغضهم وعداوتهم وقرئ بسكون النون { أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ } لأن صدّوكم يعني عام الحديبية وقرئ بكسر الهمزة { أَنْ تَعْتَدُوا } بالانتقام { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى } على العفو والإِغضاءِ ومتابعة الأمر ومجانبة الهوى { وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوانِ } للتشفي والانتقام { واتَّقُوا الله إِنَّ اللَّه شدِيدُ العِقَابِ } فانتقامة أشدّ.

السابقالتالي
2 3 4