الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ وَكَانُوۤاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } * { لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءْيَا بِٱلْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } * { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }

{ (26) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ } الانفة { حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ } التي تمنع اذعان الحقّ القمّي يعني قريشاً وسهيل بن عمر وحين قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وآله لا نعرف الرحمن الرحيم وقولهم لو علمنا انّك رسول الله ما حاربناك فاكتب محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وآله { فَأنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلى الْمُؤْمِنِينَ } انزل عليهم الثبات والوقار فتحملوا حميتّهم { وَألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى } كلمة الشهادة.

القمّي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله انّه قال في خطبته وأولى القول كلمة التقوى.

وفي العلل عنه صلّى الله عليه وآله انّه قال في تفسير لا إِله الاّ الله وهي كلمة التقوى يتقبّل الله بها الموازين يوم القيامة.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام انّه سئل عنها فقال هو الايمان.

وفي المجالس عن النبي صلّى الله عليه وآله قال انّ عليّاً راية الهدى وامام اوليائي ونور من اطاعني وهو الكلمة التي الزمتها المتّقين.

وفي الخصال عنه عليه السلام قال في خطبة نحن كملة التقوى وسبيل الهدى.

وفي التوحيد عن اميرالمؤمنين عليه السلام قال في خطبة انا عروة الله الوثقى والكلمة التقوى.

وفي الاكمال عن الرضا عليه السلام في حديث له نحن كلمة التقوى والعروة الوثقى { وَكانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا } والمستأهل لها { وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } فيعلم اهل كلّ شيء وييسّره له.

{ (27) لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا } صدّقة في رؤياه { بِالْحَقِّ } متلبّساً به فانّ ما رآه كان لا محالة في وقته المقدّر له وقد سبق قصّته في اوّل السورة { لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ } محلقاً بعضكم ومقصّراً آخرون { لاَ تَخافُونَ } بعد ذلك { فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا } من الحكمة في تأخير ذلك { فَجَعَلَ مِنْ دونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً } هو فتح خيبر ليستروح اليه قلوب المؤمنين الى ان يتيسّر الموعود.

{ (28) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ } وبدين الاسلام { لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ } ليغلبه على جنس الدين كلّه بنسخ ما كان حقّاً واظهار فساد ما كان باطلاً ثم بتسليط المسلمين على اهله اذ ما اهل دين الاّ وقد قهر بالاسلام او سيقهر وفيه تأكيد لما وعده بالفتح.

القمّي هو الامام عليه السلام الذي يظهره الله عزّ وجلّ على الدين كله فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً قال وهذا ممّا ذكرنا انّ تأويله بعد تنزيله.

أقولُ: قد سبق تمام الكلام فيه في سورة التوبة { وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً } على انّ ما وعده كائن او على رسالته.

{ (29) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ } جملة مبيّنة للمشهود به او استيناف مع معطوفه وبعدهما خبر { وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ } يغلظون على من خالف دينهم ويتراحمون فيما بينهم كقوله اذلّة على المؤمنين اعزّة على الكافرين { تَرَاهُمْ رُكَّعَاً سُجَّداً } لأنّهم مشتغلون بالصلاة في اكثر اوقاتهم { يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً } الثواب والرضا { سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ } قيل يريد السّمة التي تحدث في جباههم من كثرة السجود.

السابقالتالي
2