الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } * { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِهم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلْقُرَىٰ وَصَرَّفْنَا ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرْبَاناً آلِهَةَ بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } * { قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { يٰقَوْمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَآمِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } * { وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءُ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

{ (23) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ } لا علم لي بوقت عذابكم ولا مدخل لي فيه فأستعجل به وانّما علمه عند الله فيأتيكم به في وقته المقدّر له { وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ } وما على الرسول الاّ البلاغ { وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمَاً تَجْهَلُونَ } لا تعلمون انّ الرسل بعثوا مبلغين ومنذرين لا معذّبين مقترحين.

{ (24) فَلَمّا رَأَوْهُ عَارِضاً } سحاباً عرض في افق السماء { مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } متوجّه اوديتهم { قَالُوا هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُونا } اي يأتينا بالمطر { بَلْ هُوَ } اي قال هود بل هو { مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ } من العذاب { رِيحٌ } هي ريح { فِيهَا عَذابٌ أَلِيمٌ }.

{ (25) تُدْمِّرُ } تهلك { كُلَّ شَيْءٍ } من نفوسهم واموالهم { بأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ } اي فجاءتهم الريح فدمّرتهم فأصبحوا وقرىء لا ترى على الخطاب يعني بحيث لو حضرت بلادهم لا ترى الاّ مساكنهم وقرىء لا يرى بالياء المضمومة ورفع المساكن { كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ } القمّي كان نبيّهم هود وكانت بلادهم كثيرة الخير خصبة فحبس الله عنهم المطر سبع سنين حتّى أجدبوا وذهب خيرهم من بلادهم وكان هود بقول لهم ما حكى الله في سورة هود " استغفروا ربّكم ثمّ توبوا اليه - الى قوله - ولا تتولّوا مجرمين " فلم يؤمنوا وعتوا فأوحى الله الى هود انّه يأتيهم العذاب في وقت كذا وكذا ريح فيها عذاب اليم فلمّا كان ذلك الوقت نظروا الى سحابة قد اقبلت ففرحوا فقالوا هذا عارض ممطرنا الساعة نمطر فقال لهم هود بل هو ما استعجلتم به الى قوله بامر ربّها قال فلفظه عامّ ومعناه خاص لأنها تركت اشياء كثيرة لم تدمّرها وانّما دمّرت مالهم كلّه قال كلّ هذه الاخبار من هلاك الامم تخويف وتحذير لامّة محمد صلّى الله عليه وآله وروي انّ هود لمّا احسّ بالريح اعتزل بالمؤمنين في الحظيرة وجاءت الريح فأمالت الاحقاف على الكفرة وكانوا تحتها سبع ليال وثمانية ايام ثمّ كشفت عنهم واحتملتهم وقذفتهم في البحر.

{ (26) وَلَقَدْ مَكَنّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَنَّاكُمْ فِيهِ } ان نافية او شرطيّة محذوفة الجواب اي كان بغيكم اكثر { وَجَعَلْنَا لَهُم سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً } ليعرفوا تلك النعم ويستدلّوا بها على مانحها ويواظبوا على شكره { فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ } من الاغناء { إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا يَسْتَهْزِؤُنَ } من العذاب القمّي قد اعطيناهم فكفروا فنزل بهم العذاب فاحذروا ان لا ينزل بكم ما نزل بهم.

{ (27) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ما حَوْلَكُمْ } يا اهل مكّة { مِنَ الْقُرَى } كحجر ثمود وقرى قوم لوط { وَصَرَّفْنَا الآياتِ } بتكريرها { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } عن كفرهم.

{ (28) فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَاناً أَلِهَةً } فهلاّ منعتهم من الهلاك الهتهم الذين يتقرّبون بهم الى الله حيث قالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله { بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ } غابوا عن نصرهم وامتنع ان يستمدّوا بهم امتناع الاستمداد بالضلال { وَذلِكَ إِفْكُهُمْ } وذلك الاتخاذ الذي هذا اثره صرفهم عن الحقّ { وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ }.

السابقالتالي
2