الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } * { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَٱعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } * { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ وَٱسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ } * { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } * { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ }

{ (1) حم }.

{ (2) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }

{ (3) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ } القمّي اي بيّن حلالها وحرامها واحكامها وسننها { قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }

{ (4) بَشِيرًا وَنَذِيرًا }.

القمّي يبشّر المؤمنين وينذر الظالمين { فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ } عن تدبره وقبوله { فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } سماع تأمّل وطاعة.

{ (5) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِى أَكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ } في اغطية { وَفِى آذَانِنَا وَقْرٌ } صمم واصله الثقل { وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } يمنعنا عن التواصل.

القمّي اي تدعونا الى ما لا نفهمه ولا نعقله قيل وهذه تمثيلات لنبوّ قلوبهم عن ادراك ما يدعوهم اليه واعتقادهُم ومَجِّ اسماعهم له وامتناع مواصلتهم وموافقتهم للرّسول صلّى الله عليه وآله { فَاعْمَلْ } على دينك { إِنّنا عَامِلُونَ } على ديننا.

{ (6) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَا إِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ } لست ملكاً ولا جنّياً لا يمكنكم التلقّي منه ولا ادعوكم الى ما ينبو عنه العقول والاسماع وانما ادعوكم الى التوحيد والاستقامة في العمل { فَاسْتَقِيمُوا } في افعالكم متوجّهين { إلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ } ممّا انتم عليه { وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ } من فرط جهالتهم واستخفافهم بالله.

{ (7) الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } لبخلهم وعدم اشفاقهم على الخلق { وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ }.

القمّي عن الصادق عليه السلام اترى انّ الله عزّ وجلّ طلب من المشركين زكاة اموالهم وهم يشركون به حيث يقول وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون قيل جعلت فداك فسرّه لي فقال ويل للمشركين الذين اشركوا بالإِمام الأوّل وهم بالأئمّة الآخرين كافرون انّما دعا الله العباد الى الايمان به فاذا آمنوا بالله وبرسوله افترض عليهم الفرائض.

أقولُ: هذا الحديث يدلّ على ما هو التحقيق عندي من انّ الكفار غير مكلّفين بالاحكام الشرعيّة ما داموا باقين على الكفر وعن ابن عبّاس اي لا يطهّرون انفسهم من الشّرك بالتوحيد ولعلّه انّما اوّل الزكاة بالتطهير لما ذكر.

{ (8) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } لا يمنّ به عليهم.

{ (9) قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الأرْضَ فِى يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ }.

{ (10) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا } واكثر خيرها { وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِى أَرْبَعَةِ أَيّامٍ سَوَاءً لِلسّائِلِينَ } القمّي معنى يومين اي وقتين ابتداء الخلق وانقضائه قال وبارك فيها وقدّر فيها اقواتها اي لا تزول وتبقى في اربعة ايّام سواء يعني في اربعة أوقات وهي التي يخرج الله عزّ وجلّ فيها اقوات العالم من الناس والبهائم والطير وحشرات الأرض وما في البرّ والبحر من الخلق من الثمار والنبات والشجر وما يكون فيها معاش الحيوان كلّه وهو الربيع والصيف والخريف والشتاء ففي الشتاء يرسل الله الرياح والامطار والانداد والطلول من السماء فيلقح الأرض والشجرة وهو وقت بارد ثم يجيء بعد الربيع وهو وقت معتدل حارّ وبارد فيخرج الثمر من الشجر والارض نباتها فيكون اخضر ضعيفاً ثمّ يجيء وقت الصيف وهو حار فينضج الثمار ويصلب الحبوب التي هي اقوات العالم وجميع الحيوان ثمّ يجيء بعد وقت الخريف فيطيبه ويبرده ولو كان الوقت كلّه شيئاً واحداً لم يخرج النبات من الارض لأنّه لو كان الوقت كلّه ربيعاً لم ينضج الثمار ولم يبلغ الحبوب ولو كان كلّه صيفاً لاحترق كلّ شيء في الأرض ولم يكن للحيوان معاش ولا قوت ولو كان الوقت كلّه خريفاً ولم يتقدّمه شيء من هذه الأوقات لم يكن شيء يتقوّته العالم فجعل الله هذه الأقوات في أربعة اوقات في الشتاء والربيع والصيف والخريف وقام به العالم واستوى وبقي وسمّى الله هذه الأوقات ايّاماً للسّائلين يعني المحتاجين لأنّ كلّ محتاج سائل وفي العالم من خلق الله من لا يسأل ولا يقدر عليه من الحيوان كثير فهم سائلون وان لم يسألوا.

السابقالتالي
2