الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } * { وَٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَـآءَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً } * { وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ وَكَانَ ٱللَّهُ بِهِم عَلِيماً } * { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } * { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً }

{ (37) الّذِينَ يَبْخَلُونَ } بما منحوا { وَيَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبُخْلِ }.

في الفقيه عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم ليس البخيل من أدى الزكاة المفروضة من ماله وأعطى الباينة في قومه انما البخيل حق البخيل من لم يؤد الزكاة المفروضة من ماله ولم يعط الباينة في قومه وهو يبذر فيما سوى ذلك.

أقول: الباينة العطية سميت بها لأنها أُبينت من المال.

وعن الصادق عليه السلام البخيل يبخل بما في يده والشحيح يشح بما في أيدي الناس وعلى ما في يديه حتى لا يرى في أيدي الناس شيئاً إلا تمنى أن يكون له بالحل والحرام ولا يقنع بما رزقه الله.

وفي الخصال عنه عليه السلام ما كان في شيعتنا فلا يكون فيهم ثلاثة أشياء لا يكون فيهم من يسأل بكفه ولا يكون فيهم بخيل الحديث.

وعن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم " خصلتان لا يجتمعان في المسلم البخل وسوء الخلق " { وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ } من الغنى والعلم حيث ينبغي الاظهار { وَاعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً } وضع الظاهر موضع المضمر اشعار بأن من هذا شأنه كافر لنعمة الله فله عذاب يهينه كما أهان النعمة بالبخل والإِخفاء.

{ (38) وَالّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النّاسِ } شاركهم مع البخلاء في الذم والوعيد لاشتراكهما في عدم الإِنفاق على ما ينبغي { وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ } ليتحروا بالإِنفاق مراضيه وثوابه { وَمَن يَكُنِ الشّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِيناً } تنبيه على أن الشيطان قرينهم يحملهم على ذلك ويزينه لهم كقوله ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين.

{ (39) وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَومِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا ممّا رَزَقَهُمُ اللهُ } في طاعة الله توبيخ لهم على الجهل بمكان المنفعة والإِعتقاد في الشيء على خلاف ما هو عليه وتحريض على التفكر لطلب الجواب لعله يؤدي بهم إلى العلم بما فيه من الفوائد والعوائد وتنبيه على أن المدعو إلى أمر لا ضرر فيه ينبغي أن يجيب له احتياطاً فكيف إذا تضمن المنافع وانما قدم الإِيمان هاهنا وأخره في الآية السابقة لأن المقصود هنا التخصيص وثمة التعليل { وَكَانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً } وعيد لهم.

{ (40) إنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقاَلَ ذَرَّةٍ } لا ينقص من الأجر ولا يزيد في العقاب أصغر شيء كالذرة وهي النملة الصغيرة ويقال لكل جزءٍ من أجزائه الهباء والمثقال من الثقل { وَإِن تَكُ حَسَنَةً } وقرئ بالرفع على التامة { يُضَاعِفْهَا } يضاعف ثوابها { وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ } ويعط صاحبها من عنده على سبيل التفضل زائداً على ما وعد في مقابلة العمل { أَجْراً عَظِيماً } عطاء جزيلاً سماه أجر التبعية له.

{ (41) فَكَيْفَ } حالهم من الهول والفزع { إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ } يا محمد { عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً }.

السابقالتالي
2