الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً } * { إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَٱعْتَصَمُواْ بِٱللَّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً } * { مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً } * { لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً } * { إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوۤءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } * { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }

{ (144) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } فانه صنيع المنافقين وشعارهم { أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً } حجة بينة فان موالاة الكافرين دليل النفاق.

{ (145) إنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ } فان للنار دركات كما ان للجنة درجات سميت بهذا لأنها متداركة متتابعة بعضها فوق بعض والأسف منها هي التي في قعر جهنم { وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً } يخرجهم منه.

{ (146) إلاَّ الَّذِينَ تَابُوا } عن النفاق { وَأَصْلَحُوا } ما افسدوا من اسرارهم واحوالهم في حال النفاق { وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ } ووثقوا به وتمسكوا بدينه { وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلهِ } لا يريدون بطاعتهم إلا وجهه { فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ } من عدادهم في الدارين { وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً } فيساهمونهم فيه.

{ (147) مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ } يتشفى به غيظاً أو يدفع به ضرراً أو يستجلب به نفعاً سبحانه هو الغني المتعال عن النفع والضرر وانما يعاقب المصر على كفره لأن اصراره عليه كسوء مزاج يؤدي إلى مرض فإذا زال الإِيمان والشكر ونقى نفسه عنه تخلص من تبعته وإنما قد الشكر لأن الناظر يدرك النعمة أولاً فيشكر شكراً مبهماً ثم يمعن النظر حتى يعرف المنعم فيؤمن به كذا قيل { وَكَانَ اللهُ شَاكِراً } مثيباً يقبل اليسير ويعطي على القليل الجزيل { عَلِيماً } بحق شكركم وإيمانكم.

{ (148) لاَ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إلاَّ مَنْ ظُلِمَ }.

في المجمع عن الباقر عليه السلام لا يحب الله الشتم في الإِنتصار إلا من ظلم فلا بأس له أن ينتصر ممن ظلمه بما يجوز الإِنتصار به في الدين وفيه ونظيره وانتصروا من بعد ما ظلموا.

والقمّي ما يقرب منه قال وفي حديث آخر في تفسيرها إن جاءك رجل وقال فيك ما ليس فيك من الخير والثناء والعمل الصالح فلا تقبله منه وكذبه فقد ظلمك.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام أنه الضيف ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته فلا جناح عليه أن يذكر سوء ما فعله.

والعياشي عنه عليه السلام في هذه الآية من أضاف قوماً فأساء ضيافتهم فهو ممن ظلم فلا جناح عليهم فيما قالوا فيه.

وعنه عليه السلام الجهر بالسوء من القول أن يذكر الرجل بما فيه { وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً } لما يجهر به من سوء القول { عَلِيماً } بصدق الصادق وكذب الكاذب فيجازي كلاًّ بعمله.

{ (149) إنْ تُبْدُوا خَيْراً } تظهروا طاعة وبراً { أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ } مع قدرتكم على الانتقام من دون جهر بالسوء من القول وهو المقصود ذكره وما قبله تمهيد له ولذا رتب عليه قوله { فَإِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً } لم يزل يكثر العفو عن العصاة مع كمال قدرته على الانتقام وهو حث للمظلوم على العفو بعد ما رخص له في الانتصار حملاً على مكارم الأخلاق.

السابقالتالي
2