الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ } * { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } * { وَمَا ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } * { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ }

{ وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا } ذكراناً واناثاً { وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاّ بِعِلْمِهِ } إلاّ معلومة له { وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلاَ يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاّ فِى كِتَابٍ } القمّي يعني يكتب في كتاب قال وهو ردّ على من ينكر البداء.

وفي الجوامع قيل معناه لا يطول عمر ولا ينقص الاّ في كتاب وهو ان يكتب في اللّوح لو اطاع الله فلان بقي الى وقت كذا واذا عصى نقص من عمره الّذي وُقِّت له واليه اشار رسول الله صلّى الله عليه وآله انّ الصّدقة وصلة الرّحم تعمران الدّيار وتزيدان في الأعمار.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام ما نعلم شيئاً يزيد في العمر الاّ صلة الرّحم حتّى انّ الرجل يكون اجله ثلاث سنين فيكون وصولاً للرّحم فيزيد الله عزّ وجلّ في عمره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثاً وثلاثين سنة ويكون أجله ثلاثاً وثلاثين سنة فيكون قاطعاً للرحم فينقصه الله ثلاثين سنة في عمره ويجعل اجله الى ثلاث سنين والاخبار في هذا المعنى كثيرة جدّاً { إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ } اشارة الى الحفظ والزّيادة والنّقص.

{ (12) وَمَا يَسْتَوِى الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ }.

القمّي عن الباقر عليه السلام الاجاج هو المرّ قيل هو مثل للمؤمن والكافر { وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } اللّئالي واليواقيت { وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ } تشقّ الماء بجريها القمّي يقول الفلك مقبلة ومدبرة بريح واحدة { لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ } من فضل الله بالنقلة فيها { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } على ذلك.

{ (13) يُولِجُ اللَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمْ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ } القمّي قال الجلدة الرّقيقة الّتي على ظهر النّوى.

{ (14) إِنْ تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ } لأنّهم جماد { وَلَوْ سَمِعُوا } على سبيل الفرض { مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ } لعدم قدرتهم عليها { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } ولا يخبرك بالامر مخبر مثل خبير به اخبرك وهو الله سبحانه فانّه الخبير به على الحقيقة دون سائر المخبرين والمراد تحقيق ما اخبر به عن حال آلهتهم ونفي ما يدّعون لهم.

{ (15) يَا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ } في انفسكم واحوالكم { وَاللهُ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ } المستغني على الإِطلاق المنعم على سائر الموجودات حتّى استحقّ عليهم الحمد.

{ (16) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } بقوم آخرين أطوع منكم.

{ (17) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ } بمتعذّر او متعسّر.

{ (18) وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } ولا تحمل نفس آثمة اثم نفس اخرى وامّا قوله وليحملنّ اثقالهم واثقالاً مع اثقالهم ففي الضّالّين المضلّين فانّهم يحملون اثقال اضلالهم مع اثقال ضلالهم وكلّ ذلك اوزارهم ليس فيها شيء من اوزار غيرهم { وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ } نفس اثقلها الاوزار { إِلى حِمْلِهَا } تحمل بعض اوزارها { لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ } لم تجب بحمل شيء منه نفى ان يحمل عنها ذنبها كما نفى ان يحمل عليها ذنب غيرها { وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } ولو كان المدعوّ ذا قرابتها اضمر المدعوّ لدلالة ان تدع عليه { إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ } فَإِنَّهُمْ الْمُنْتَفِعُونَ بالانذار لا غير { وَمَنْ تَزَكّى } ومن تطهّر عن دنس المعاصي { فَإِنَّمَا يتزكّى لِنَفْسِهِ } اذ نفعه لها { وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ } فتجازيهم على تزكيتهم وما يستوي الأعمى والبصير الكافر والمؤمن.