{ (34) وَمَا أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } تسلية لرسول الله ممّا مني به من قومه وتخصيص المتنعمين بالتكذيب لأنّ الداعي المعظم الى التكبّر والمفاخرة بزخارف الدّنيا والانهماك في الشهوات والاستهانة بمن لم يحظ منها ولذلك ضمّ المفاخرة والتهكّم الى التكذيب. { (35) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَدًا } فنحن اولى بما تدعونه ان امكن { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } امّا لأنّ العذاب لا يكون او لأنّه اكرمنا بذلك فلا يهيننا بالعذاب. { (36) قُلْ } ردّاً لحسبانهم { إِنَّ رَبِّى يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ } يوسّع لمن يشاء ويضيق على من يشاء وليس ذلك لكرامة وهو ان { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } انّ ذلك كذلك في نهج البلاغة وامّا الأغنياء من مترفة الامم فتعصّبوا لاثار مواقع النعم فَقَالُوا { نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } فان كان لا بدّ من العصبيّة فليكن تعصّبكم لمكارم الخصال ومحامد الأفعال ومحاسن الامور الّتي تفاضلت فيها المجد والنّجد من بيوتات العرب ويعاسيب القبايل بالاخلاق الرّغيبة والاحلام العظيمة والاخطار الجليلة والآثار المحمودة. { (37) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِالَّتِى تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى } قربة { إِلاّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا } بانفاق ماله في سبيل الله وتعليم ولده الخير والصلاح { فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِى الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ } من المكاره وقرئ بالتوحيد. القمّي عن الصادق عليه السلام وقد ذكر رجل الاغنياء ووقع فيهم فقال عليه السلام اسكت فانّ الغنيّ اذا كان وصولاً برحمه بارّاً باخوانه اضعف الله له الاجر ضعفين لأنّ الله يقول وما أموالكم الآية. وفي العلل ما يقرب منه. { (38) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِى آيَاتِنَا } بالردّ والطَعن { مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِى الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } { (39) قُلْ إِنَّ رَبِّى يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ } هذا في شخص واحد باعتبار وقتين وما سبق في شخصين فلا تكرير { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَىْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ } عوضاً امّا عاجلاً او آجلاً { وَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ } فانّ غيره وسط في ايصال رزقه لا حقيقة لرازقيّته. القمّي عن الصادق عليه السلام قال انّ الربّ تبارك وتعالى ينزل امره كلّ ليلة جمعة الى السماء الدنيا من اوّل اللّيل وفي كلّ ليلة الثلث الاخير وامامه ملك ينادي هل من تائب يتاب عليه هل من مستغفر يغفر له هل من سائل فيعطى سؤله اللّهمّ اعط كلّ منفق خلفاً وكلّ ممسك تلفاً الى ان يطلع الفجر فاذا طلع الفجر عاد امر الربّ الى عرشه فيقسم الارزاق بين العباد ثم قال وهو قول الله { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَىْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ }. وفي الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام من بسط يده بالمعروف اذا وجده يخلف الله له ما انفق في دنياه ويضاعف له في آخرته. وعن النّبي صلّى الله عليه وآله من صدّق بالخلف جاد بالعطيّة وفي رواية من ايقن بالخلف سخت نفسه بالنّفقة وقيل للصادق عليه السلام انّي انفق ولا ارى خلفاً قال افترى الله عزّ وجلّ اخلف وعده قيل لا قال فممّ ذلك قيل لا ادري قال لو انّ احدكم اكتسب المال من حلّه لم ينفق درهماً الاّ اخلف عليه. وعن الرضا عليه السلام قال لمولى له هل أنفقت اليوم شيئاً فقال لا والله فقال عليه السلام فمن اين يخلف الله علينا.