الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } * { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً }

{ (5) ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ } انسبوهم اليهم { هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ } اعدل واريد به مطلق الزيادة لا التفضيل ومعناه البالغ في الصدق { فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ } لتنسبوهم اليهم { فَإِخْوَانُكُمْ فِى الدِّينِ } فهم اخوانكم في الدين { وَمَوالِيكُمْ } وأولياؤكم فيه فيقولوا هذا اخي ومولاي بهذا التّأويل { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } ولا اثم عليكم فيما فعلتموه من ذلك مخطئين قبل النهي او بعده على النسيان او سبق اللّسان { وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا } يعفو عن المخطي

{ (6) النّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } يعني اولى بهم في الامور كلّها فانّه لا يأمرهم ولا يرضى منهم الاّ بما فيه صلاحهم ونجاحهم بخلاف النفس فلذلك اطلق فيجب عليهم ان يكون احبّ اليهم من انفسهم وامره انفذ عليهم من امرها وشفقتهم عليه اتمّ من شفقتهم عليها.

في المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله انّه لمّا اراد غزوة تبوك وامر النّاس بالخروج قال قوم نستأذن آبائنا وامّهاتنا فنزلت هذه الآية.

وعن الباقر والصادق عليهما السلام انّهما قرءا وازواجه امّهاتهم وهو ابٌ لهم والقمّي قال نزلت وهو اب لهم.

أقول: يعني في الدين والدنيا جميعاً امّا في الدين فانّ كلّ نبيّ ابٌ لامّته من جهة انّه اصل فيما به الحياة الابديّة ولذلك صار المؤمنون اخوة وورد ايضاً عن النبي صلّى الله عليه وآله انّه قال انا وعليّ ابوا هذه الامّة كما مرّ في سورة البقرة وذلك لأنّهما في هذا المعنى سواء الاّ انّ عليّاً بعد النبيّ وامّا في الدنيا فلالزام الله ايّاه مؤنتهم وتربيته ايتامهم ومن يضيع منهم.

القمّي جعل الله عزّ وجلّ المؤمنين اولاد رسول الله صلّى الله عليه وآله وجعل رسول الله أباهم لمن لم يقدر ان يصون نفسه ولم يكن له مال وليس له على نفسه ولاية فجعل الله تعالى لنبيّه الولاية على المؤمنين وجعله اولى بالمؤمنين من انفسهم وهو قول رسول الله صلّى الله عليه وآله بغدير خم ايّها الناس ألست اولى بكم من انفسكم قالوا بلى.

ثمّ اوجب لأمير المؤمنين عليه السلام ما اوجبه لنفسه عليهم من الولاية فقال الا من كنت مولاه فعليّ مولاه فلمّا جعل الله النبيّ صلّى الله عليه وآله اباً للمؤمنين الزمه مؤنتهم وتربية ايتامهم فعند ذلك صعد رسول الله صلّى الله عليه وآله المنبر فقال من ترك مالاً فلورثته ومن ترك ديناً او ضياعاً فعليَّ واليَّ فألزم الله نبيّه للمؤمنين ما يلزم الوالد للولد والزم المؤمنين من الطاعة له ما يلزم الولد للوالد فكذلك الزم امير لمؤمنين ما الزم رسول الله من بعد ذلك وبعده الأئمّة واحداً واحداً قال والدليل على انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وامير المؤمنين عليه السلام هما والدان قوله

السابقالتالي
2 3