الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } * { يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ }

{ (15) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } باستحقاقه الاشتراك تقليداً لهما يعني ما ليس { فَلاَ تُطِعْهُمَا } في ذلك { وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفًا } صحاباً معروفاً يرتضيه الشرع ويقتضيه الكرم.

في الكافي عن الصادق عليه السلام أنّ رجلاً اتى النبيّ صلّى الله عليه وآله فقال يا رسول الله اوصني فقال لا تشرك بالله شيئاً وان حرقت بالنّار وعذّبت الاّ وقلبك مطمئنّ بالإِيمان ووالديك فأطعهما وبرّهما حيّين كانا او ميّتين وان امراك أن تخرج من اهلك ومالك فافعل فانّ ذلك من الإِيمان.

وعنه عليه السلام جاء رجل الى النبيّ صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله من ابرّ قال امّك قال ثم من قال امّك قال ثمّ من قال امّك قال ثم من قال اباك.

وعن الرضا عليه السلام قيل له ادعو لوالديّ ان كانا لا يعرفان الحق قال ادع لهما وتصدّق عنهما وان كانا حيّين لا يعرفان الحقّ فدارهما فانّ رسول الله صلّى الله عليه وآله. قال انّ الله بعثني بالرّحمة لا بالعقوق.

وفي العيون عنه عليه السلام وبرّ الوالدين واجب وان كانا مشركين ولا طاعة لهما في معصية الخالق ولا لغيرهما فإنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وفي مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام برّ الوالدين من حسن معرفة العبد بالله إذ لا عبادة أسرع بلوغاً بصاحبها إلى رضاء الله تعالى من حرمة الوالدين المسلمين لوجه الله تعالى لأنّ حقُ الوالدين مشتقّ من حقّ الله اذا كانا على منهاج الدّين والسنّة ولا يكونان يمنعان الولد من طاعة الله إلى معصيته ومن اليقين الى الشكّ ومن الزّهد الى الدنيا ولا يدعوانه الى خلاف ذلك فاذا كانا كذلك فمعصيتهما طاعة وطاعتهما معصية قال الله تعالى { وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا } وامّا في باب العشرة فدارهما وارفق بهما واحتمل اذاهما نحو ما احتملا عنك في حال صغرك ولا تضيّق عليهما بما قد وسع الله عليك من المأكول والملبوس ولا تحوّل بوجهك عنهما ولا ترفع صوتك فوق اصواتهما فإنّ تعظيمهما من الله تعالى وقل لهما بأحسن القول والطفه فانّ الله لا يضيع اجر المحسنين { وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَىَّ } بالتَّوحيد والاخلاص والطاعة.

القمّي عن الباقر عليه السلام يقول اتّبع سبيل محمّد صلّى الله عليه وآله { ثُمَّ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ } جميعاً { فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } الآيتان معترضان في تضاعيف وصيّة لقمان تأكيداً لما فيها من النهي عن الشرك كأنّه قال وقد وصّينا بمثل ما وصّى به وذكر الوالدين للمبالغة في ذلك فانّهما مع انّهما تلوا الباري في استحقاق التعظيم والطاعة لا يجوز ان يستحقّا في الاشراك فما ظنّك بغيرهما.

السابقالتالي
2