الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَٱلذِّكْرِ ٱلْحَكِيمِ } * { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } * { ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ } * { فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ }

{ (58) ذَلِكَ } اشارة إلى ما سبق من نبأ عيسى وغيره { نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ } المشتمل على الحكم أو المحكم الممنوع من تطرّق الخلل إليه يريد به القرآن أو اللوح المحفوظ.

{ (59) إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ } أي شأنه الغريب كشأن آدم { خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ } جملة مفسّرة للتمثيل مبيّنة لما له الشبه وهو انّه خلق بلا أب كما خلق آدم من التراب بلا اب وام شبّه حاله بما هو أقرب افحاماً للخصم وقطعاً لمواد الشبه والمعنى خلق قالبه من التراب { ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ } اي أنشأ بشراً كقوله ثم أنشأناه خلقاً آخر وقدّر تكوينه من التراب ثم كوّنه { فَيَكُونُ } أي فكان في الحال.

{ (60) الْحَقُّ } هو الحق { مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ }.

{ (61) فَمَنْ حَاجّكَ } من النصارى { فِيْهِ } في عيسى عليه السلام { مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ } من البيّنات الموجبة للعلم { فَقُلْ تَعَالَوْا } هَلمّوا بالرأي والعزم { نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ } أي يدع كلّ منّا ومنكم نفسه واعزّه أهله والصقهم بقلبه إلى المباهلة ويحمل عليها وإنّما قدّمهم على النفس لأن الرّجل يخاطر بنفسه لهم ويحارب دونهم { ثُمَّ نَبْتَهِلْ } أي نتباهل بأن نلعن الكاذب منا والبهلة بالضم والفتح اللعنة واصله الترك من قولهم بهلت الناقة إذا تركتها بلا صرار والصرار خيط يشدّ فوق الخلف لئلا يرضعها ولدها { فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } عطف فيه بيان، روي انهم لما دعوا إلى المباهلة قالوا حتى ننظر فلما تخالوا قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم وما ترى فقال والله لقد عرفتم نبوتّه ولقد جاءكم بالفصل في أمر صاحبكم والله ما باهل قوم نبياً إلا هلكوا فان أبيتم الا ألف دينكم فوادعوا الرجل وانصرفوا فآتوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وقد غدا محتضناً الحسين عليه الصلاة والسلام آخذاً بيد الحسن وفاطمة عليهم السلام تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول إذا انا دعوت فإمنوا فقال اسقفهم: يا معشر النصارى اني لأرى وجوهاً لو سألوا الله ان يزيل جبلاً من مكانه لأزاله فلا تباهلوا فتهلكوا فاذعنوا لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وبذلوا له الجزية الفي حلّة حمراء وثلاثين درعاً من حديد فقال والذي نفسي بيده لو تباهلوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي ناراً ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر كذا روته العامة وهو دليل على نبوّته وفضل من اتى بهم من اهل بيته وشرفهم شرفاً لا يسبقهم إليه خلق إذ جعل نفس علي عليه السلام كنفسه.

وفي العيون عن الكاظم عليه الصلاة والسلام لم يدع احداً انه ادخله النبي صلّى الله عليه وآله وسلم تحت الكساء عند المباهلة للنصارى الا عليّ بن ابي طالب عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فكان تأويل قوله عز وجل ابناءنا الحسن والحسين ونساءنا فاطمة وانفسنا علي بن ابي طالب عليهم صلوات الله.

السابقالتالي
2